في هذا المقال سنتعرف على الحلول التي وضعها الإسلام للقضاء على مشكلة الفقر، والتي منها الأمر بالسعي في الأرض لطلب الرزق الحلال.
الحث على العبادة وطلب الرزق
من المحاور الرئيسية التي وضعتها الشريعة الإسلامية أنها أمرت بالمحافظة على النفس البشرية من كل شيء يهدد وجودها واستقرارها، من أجل ذلك نجد أن الإسلام أمر بالعبادة والسعي في الأرض لطلب الأرزاق.
قال الله تعالى: (فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ).
والمعنى: إذا فرغتم من الصلاة فإنه مباح لكم أن تنتشروا في الأرض لطلب الأرزاق، وأكثروا من ذكر الله لعلكم تفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة.
قال الإمام القرطبي: كان عراك بن مالك إِذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال: “اللهم إِني قد أَجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أَمرتني، فارزقني من فضلك وأَنت خير الرازقين”.
فالإسلام يحثنا على عمارة الدنيا لينتفع بها من يجيء من بعدنا، ونأخذ أجرا على ذلك، وعلى عمارة الآخرة بالعبادة لننتفع بها.
قال الله تعالى وهو يحثنا على السعي في الأرض لطلب الرزق: (هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَيۡهِ ٱلنُّشُورُ).
الحث على السعي وطلب الرزق الحلال
أمر الله عباده المؤمنين بالسعي لطلب الرزق الحلال وأن يجعلوا الله نصب أعينهم دائما،
قال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ أَنتُم بِهِۦ مُؤۡمِنُونَ).
فتمتعوا بأنواع الرزق الحلال من مطاعم ومشارب، وعبر بالأكل لأنه غالب مقاصد الناس، وقوا أنفسكم من غضب الله الذي أنتم به مؤمنون.
وحث النبي -صلى الله عليه وسلم- على العمل، وعدم التكاسل عن القيام به، حتى ولو كانت الساعة ستقوم علينا.
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها)[الأدب المفرد]
أفضل الكسب ما كان من عمل اليد
من أفضل المكاسب التي يحصل عليها الإنسان ما كان من كسب يده وكده وتعبه، فعن المقدام -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
(ما أكل أحد طعاما قط، خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده)[البخاري]
فبالرغم من أن نبي الله داود كان ملكا مفخما، وكان مباحا له أن يأكل من بيت المال لأنه مشغول بالقيام على أمر رعيته، لكنه مع ذلك لم يبح لنفسه أن ذلك، وإنما فضل أن يأكل من عمل يده، لذلك ذكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دون غيره.
الثناء على اليد العليا
اليد العليا التي تعطي الناس وتنفق عليهم أفضل عند الله من اليد السفلي التي تمتد وتأخذ من الناس.
فمن يعف نفسه عن سؤال الناس يعفه الله، ومن يستغن عن سؤال الناس يغنيه الله عنهم.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:(اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله)[البخاري]
الفقر شر يستعاذ منه
الفقر هو شر ينزل بالإنسان، وإذا أصاب الإنسان أفقده كرامته، وجعل الدنيا تضيق عليه، من أجل ذلك استعاذ منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقرنه بالكفر.
فقال صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر، والفقر)[أبو داود] لأن الكفر يضيع على الإنسان آخرته، والفقر يضيع عليه دنياه.
وعن أبي هريرة، قال: كان رسول -صلى عليه وسلم- يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الجوع، فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة)[أبو داود] فإن الجوع يؤلم الجسد ويضيع الدنيا، والخيانة تؤلم الروح وتضيع الآخرة
التضامن الاجتماعي
من التشريعات التي شرعها الله لعبادة الزكاة حتى يزيل الحاجة التي تنزل بهم، وحتى لا يكون بين الناس محروم.
فالزكاة فريضة تربط بين الغني والفقير، وتجعل الفقير يحافظ على مال الغني لأنه يعلم أنه له حقا فيه، فقال الله: (وَٱلَّذِينَ فِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّ مَّعۡلُوم لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ)
الحض على الصدقة
حض الإسلام أتباعه على أن يتصدقوا بفضل ما عندهم مما لا يحتاجون إليه حتى يرفعوا الحاجة عن المحتاج ولينالوا الأجر من الله على ذلك.
عن أبي سعيد الخدري قال: (بينما نحن في سفر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ جاء رجل على راحلة له قال: فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا.
فقال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له.
قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل)[مسلم]
الترابط بين المؤمنين
تهدف تشريعات الإسلام إلى جعل أبناء المجتمع المسلم كالجسد الواحد، يشعر أعلاهم بأدناهم.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)[مسلم]