التربية الاجتماعية الصحيحة للطفل لها أسس لابد من توافرها حتى يسلم المجتمع من الآفات الاجتماعية، وهذا يكون بحسن الإعداد والرعاية السليمة للطفل.
اصطحاب الأطفال
من أساليب التربية النافعة للطفل اصطاحب الوالد طفله معه في مجالس الكبار يساعده على التنشئة الاجتماعية السليمة حيث يتعلم كيف يخاطب الكبار، وكيف يجلس في مجلسهم بكل أدب ووقار،
وكيف يستفيد من خبراتهم وكلامهم، وهذا الأمر كان يفعله الصحابة -رضوان الله عليهم- عندما يحضرون في مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كانوا يصطحبون أطفالهم معهم.
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مثل المسلم، حدثوني ما هي).
فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة، قال عبد الله: فاستحييت، فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا بها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هي النخلة).
قال عبد الله: فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا)[البخاري]
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يحرص على أن يُحضر عبد الله بن عباس في مجلسه لما رأى من رجاحة عقله وسعة علمه.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟
فقال: إنه ممن قد علمتم، قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، قال: وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني،
فقال: ما تقولون في: (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا) حتى ختم السورة،
فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وقال بعضهم، لا ندري، أو لم يقل بعضهم شيئا،
فقال لي: يا ابن عباس، أكذلك قولك؟ قلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلمه الله له: (إذا جاء نصر الله والفتح) فتح مكة،
فذاك علامة أجلك: (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا). قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم)[البخاري]
تعويد الطفل على المشاركة في قضاء الحوائج
من عوامل التنشئة الاجتماعية السليمة للطفل تعويده على المشاركة في قضا الحوائج حتى يكون عنده قدرة على التعامل مع الناس، وحتى تزداد معرفته بطباع الناس واختلاف تصرفاتهم والاستفادة منهم.
فينبغي على الوالد أن يرسل ولده ليشتري له بعض الحوائج فيتعلم كيف يقوم بحساب المال ويتعلم ما الذي ينبغي عليه قوله وما لاينبغي قوله إلى غير ذلك من الأمور التي تنمي الطفل اجتماعيا.
عن أنس -رضي اله عنه- قال: خدمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما، حتى إذا رأيت أني قد فرغت من خدمته، قلت:
يقيل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرجت إلى صبيان يلعبون قال: فجئت أنظر إلى لعبهم، قال:
(فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسلم على الصبيان وهم يلعبون، فدعاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبعثني إلى حاجة له، فذهبت فيها، وجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في فيء حتى أتيته)
واحتبست على أمي عن الإبان الذي كنت آتيها فيه، فلما أتيتها، قالت: ما حبسك؟ قلت: بعثني رسول الله في حاجة له، قالت: وما هي؟
قلت: هو سر لرسول الله قالت: فاحفظ على رسول الله سره، قال ثابت: قال لي أنس: لو حدثت به أحدا من الناس أو كنت محدثا به لحدثتك به يا ثابت)[أحمد]
وعن عمرو بن حريث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر بعبد الله بن جعفر وهو يبيع مع الغلمان – أو الصبيان – فقال: (اللهم بارك له في بيعه)[أبو يعلى]
تعليم الطفل إلقاء السلام
السلام هو مفتاح الكلام، وهو تحية الإسلام، وهو أمر ينبغي أن نعلمه أطفالنا وأن نعلمهم كيف يردون السلام؛ لأنه من آداب الإسلام.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه مر على صبيان فسلم عليهم، وقال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله)[البخاري]
زيارة الطفل المريض
من العادت التي تقوي الروابط الاجتماعية بين الناس هي عيادة المرضي، وفعل هذا مع الطفل الصغير إذا مرض يعوده على تلك العادة الاجتماعية الحسنة، وهذه الزيارة للطفل الصغير تخفف من آلامه وتساعده على التعافي.
عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان غلام يهودي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فمرض، فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: (أسلم).
فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- فأسلم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: (الحمد لله الذي أنقذه من النار)[البخاري]
اختيار الصحبة الصالحة للطفل
من الأمور الاجتماعية اللازمة هي أمر الأصحاب والصداقات، فالنفس البشرية تميل إلى مخالطة الناس والتعرف عليهم.
ولأن الطفل لا يستطيع أن يستقل بنفسه في هذا الأمر لأنه لا يستطيع أن يميز بين الصالح والطالح، كان من الواجب على والديه أن يساعدوه في حسن الاختيار للأصحاب الذين يكونون سببا في صلاحه.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)[أبو داود]
فالصاحب له تأثير على صابحه أشد من تأثير أبيه وأمه، لذا وجب علينا أن نتخير الصاحب الصالح لأطفالنا.
عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد،
لا يعدمك من صاحب المسك: إما تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد: يحرق بدنك أو ثوبك، أو تجد منه ريحا خبيثة)[البخاري]
للاطلاع على المزيد: