قضاء الحاجة كناية عن التبول والتغوط، وقضاء هنا بمعنى الفراغ ومنه قول القائل: قضيت حاجتي، ومن الكلمات التي تدل على هذا المعنى هو الاستنجاء.
معنى الخلاء
الخلاء في الأصل هو المكان الخالي، ويستخدم الفقهاء كلمة الخلاء للتعبير عن المكان المعد لقضاء الحاجة.
ما يقال عند دخول الخلاء
عن أنس قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء قال: (اللهم إني أعوذ بك من الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ)[البخاري]
والخلاء هو موضع قضاء الحاجة، فكان من ذكر قضاء الحاجة الاستعاذة من الخبث والخبائث وهم ذكور الشياطين وإناثهم. وقيل: المراد بهم كل مكروه ومذموم.
ما يقال عند الخروج من الخلاء
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء، قال: (غفرانك)[الترمذي]
والمعنى كأنه يقول: اللهم إني أسألك المغفرة، وعلة هذا الذكر عند الخروج من الخلاء أنه صلى الله عليه وسلم كان يستغفر بسبب تركه لذكر الله مدة بقائه في الخلاء، فإنه رأى أن هذا نوع من التقصير يستوجب طلب المغفرة من الله.
وقيل: سبب هذا الذكر التوبة من تقصيره في شكر النعمة التي أنعم الله بها عليه حيث أطعمه الله ثم سهل له هضمه ثم خروجه منه فرأى أن شكره لله على تلك النعمة قاصر فطلب المغفرة من الله.
التواري عن الأعين عند قضاء الحاجة
كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- التواري عن أعين الناس عند قضاء الحاجة،
عن مغيرة بن شعبة قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فقال: (يا مغيرة، خذ الإداوة) فأخذتها،
فانطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى توارى عني، فقضى حاجته، وعليه جبة شأمية، فذهب ليخرج يده من كمها فضاقت، فأخرج يده من أسفلها، فصببت عليه، فتوضأ وضوءه للصلاة، ومسح على خفيه، ثم صلى)[البخاري]
التبول جالسا
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر ما يبول قاعدا، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (من حدثكم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبول قائما فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعدا)[الترمذي]
وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بال قائما، فعن همام بن الحارث، أن جريرا، بال (قائما، ثم توضأ ومسح على الخفين، وصلى، فسألته عن ذلك، فذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فعل مثل ذلك)[أحمد]
قال الشافعي رحمه الله: والعرب تستشفي من وجع الصلب بالبول قائما.
والصحيح أنه إنما فعل ذلك تنزها وبعدا من إصابة البول، فإنه إنما فعل هذا لما أتى سباطة قوم -وهو ملقى الكناسة- وتسمى المزبلة، وهي تكون مرتفعة، فلو بال فيها الرجل قاعدا لارتد عليه بوله، وهو صلى الله عليه وسلم استتر بها وجعلها بينه وبين الحائط فلم يكن بد من بوله قائما والله أعلم.زاد المعاد
وقال النووي: “قال العلماء: يكره البول قائما إلا لعذر وهي كراهة تنزيه لا تحريم. قال بن المنذر في الإشراق: اختلفوا في البول قائما فثبت عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وزيد بن ثابت وبن عمر وسهل بن سعد أنهم بالوا قياما”.
الاستنجاء بالشمال
كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يجعل شماله للاستنجاء، عن أبي قتادة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا بال أحدكم فلا يمسح ذكره بيمينه، وإذا تمسح أحدكم فلا يتمسح بيمينه)[البخاري]
استقبال القبلة واستدبارها
أكثر الفقهاء على أنه لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها أثناء قضاء الحاجة، فعن أبي أيوب الأنصاري: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا)
قال أبو أيوب: فقدمنا الشأم، فوجدنا مراحيض بنيت قبل القبلة، فننحرف، ونستغفر الله تعالى.[البخاري]
وتتحقق الحرمة إذا كان في الصحراء ولم يكن بينه وبين القبلة حاجز، أما إذا كان في الأبنية والسكن فللعلماء قولان: الأول: لا يجوز. والثاني: يجوز استقبال القبلة واستدبارها في البنيان.
استقبال مهب الريح
لا خلاف بين الفقهاء في كراهة استقبال مهب الريح أثناء البول أو الغائط إذا كان رقيقا، لئلا يصيبه رشاش البول فينجسه.
الجلوس لقضاء الحاجة
يستحب لقاضي الحاجة إذا جلس لقضاء حاجته أن يوسع بين رجليه وأن يعتمد على رجله اليسرى؛ لأنه أسهل لخروج البول والغائط، ولا يطيل المقام أكثر من قدر الحاجة.
ترك الكلام أثناء قضاء الحاجة
يكره التحدث أثناء قضاء الحاجة بذكر أو غيره من الكلام، قال الخرشي: إنما طلب السكوت لأن ذلك المحل مما يجب ستره وإخفاؤه والمحادثة تقتضي عدم ذلك، والحجة لهذه المسألة على قول الجمهور.
النحنحة أثناء قضاء الحاجة
يكره النحنحة أثناء قضاء الحاجة إلا إذا خاف دخول أحد عليه، قال ابن عابدين من الحنفية: لا يتنحنح في موضع الخلاء إلا بعذر كما إذا خاف دخول أحد عليه.
الأماكن التي يحرم البول فيها
اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز للإنسان أن يبول في طريق الناس ولا في ظلهم ولا في مورد مائهم.
عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اتقوا اللعانين) قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: (الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم)[مسلم]
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه)[البخاري]