حديث نبوي

تعرف على ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم واجبات الإسلام؛ لأنه يحفظ سفينة المجتمع من أن تغرق بكل من فيها.

حديث من رأى منكم منكرا

عن ‌طارق بن شهاب، أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، فقام إليه رجل، فقال: الصلاة قبل الخطبة، فقال: قد ترك ما هنالك.

فقال ‌أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (‌من ‌رأى ‌منكم ‌منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)[مسلم]

الصلاة قبل الخطبة في العيد

أجمع العلماء على أن الصلاة تكون قبل الخطبة في صلاة العيد، لكن مروان أحدث على خلاف ما كان على زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة فجعل الخطبة قبل الصلاة.

وقد اختلف في أول من جعل الخطبة قبل الصلاة منهم، فقيل: عثمان، وقيل: معاوية، وقيل: مروان.

فذكر مالك أن عثمان بن عفان فعل ذلك حيث قدم الخطبة على الصلاة في العيد من أجل أن يدرك الناس الصلاة؛ لأنهم كانوا يأتون من أماكن بعيدة فيأتون بعد الصلاة.

ومقصود طارق بن شهاب في الحديث هنا أن مروان هو أول من فعل ذلك بالمدينة وهو أمير لمعاوية على المدينة.

فلما فعل ذلك مروان أنكر عليه رجل من المسلمين فعله لأنه فعلٌ على خلاف ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.

فأنكر باللسان فقط وهذه هي حدود طاقته فليس له أن يفعل أكثر من ذلك، فقال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- وبين أن الرجل قد أدى ما عليه ثم ذكر حديثا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يبين أن إنكار المنكر درجات.

لماذا لم ينكر أبو سعيد قبل الرجل؟

قال النووي: “قد يقال كيف تأخر أبو سعيد -رضي الله عنه- عن إنكار هذا المنكر حتى سبقه إليه هذا الرجل؟

وجوابه: أنه يحتمل أن أبا سعيد لم يكن حاضرا أول ما شرع مروان في أسباب تقديم الخطبة، فأنكر عليه الرجل ثم دخل أبو سعيد وهما في الكلام.

ويحتمل أن أبا سعيد كان حاضرا من الأول ولكنه خاف على نفسه أو غيره حصول فتنة بسبب إنكاره فسقط عنه الإنكار، ولم يخف ذلك الرجل شيئا لاعتضاده بظهور عشيرته أو غير ذلك.

أو أنه خاف وخاطر بنفسه وذلك جائز في مثل هذا بل مستحب ويحتمل أن أبا سعيد هم بالإنكار فبدره الرجل فعضده أبو سعيد”.

وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واجبات الإسلام ودعائمه، فقد بين الله أن من صفات الذين جعل الله لهم التمكين في الأرض أنهم يقومون بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قال الله: (لذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور).

وأمر الله بضرورة وجود أمة من الناس يقومون بهذا الواجب فقال الله:

( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون).

وبين الله أن هذه الأمة نالت الخيرية والتفضيل على الأمم السابقة بقيامها بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد إيمانها بالله فقال الله:

( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله).

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية إذا فعله البعض سقط الإثم عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثموا، وإذا كان المنكر في موضع لا يعلم به أحد إلا واحد كان متعينا في حقه ووجب عليه إزالته.

ترك الأمر بالمعروف

ترك القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور الموجبة للطرد من رحمة الله.

قال الله: ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ، كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون).

وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من أسباب نزول العذاب وعدم استجابة الدعاء ترك القيام بواجب الأمر بالمعروف.

فقال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده ‌لتأمرن ‌بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم)[الترمذي]

الأمر والنهي لمن كان عالما

يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمن كان عاملا بما يأمر به وينهى عنه، فالواجبات الظاهرة والمحرمات المعلومة يعلمها كل واحد من المسلمين، وأما ما دق واحتاج لفهم فلا ينكره إلا العلماء، وأما المختلف فيه بين العلماء فلا ينكر.

الرفق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ينبغي على من يتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون رفيقا ليكون أقدر استمالة القلوب وتحصيل المطلوب.

قال الإمام الشافعي -رضي الله عنه-: “من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه”.

القيام بواجب الأمر بالمعروف

من قام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون قد أدى ما عليه ولا يضره ضلال من ضل بعد ذلك.

قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: بعد أن حمد الله، وأثنى عليه: يا أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية، وتضعونها على غير مواضعها:

(عليكم أنفسكم ‌لا ‌يضركم ‌من ‌ضل إذا اهتديتم)، .. وإنا سمعنا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب)[أبو داود]

درجات إنكار المنكر

الحديث الذي ذكره أبو سعيد الخدري هنا يبين أن إنكار المنكر درجات، فإما أن ينكر باليد أو باللسان أو بالقلب، وذلك أضعف الإيمان.

تغيير المنكر باليد

قال النبي: (‌من ‌رأى ‌منكم ‌منكرا فليغيره بيده)

إذا كان من يتصدى للأمر بالمعروف له قدرة وسلطان فله أن يغير المنكر بيده، كولي الأمر ومن لك سلطة عليه كولدك الذي في ولايتك.

أما إذا كنت لا تملك سلطانا لتغير به المنكر فلا يحق لك أن تستخدم اليد في تغيير هذا الباطل.

تغيير المنكر باللسان

قال النبي: (فإن لم يستطع فبلسانه)

فإذا عجز الإنسان عن تغيير المنكر بيده؛ لأنه ليس له سلطان على من يأمره وينهاه فليغيره بوعظه وإرشاده ونصحه.

تغيير المنكر بالقلب

قال النبي: (فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)

فإذا عجز المرء عن تغيير المنكر بالوعظ والإرشاد فيكفيه أن ينكر هذا المنكر بقلبه بأن يكون كارها له غير مقر به، وذلك أقل درجة من درجات إنكار المنكر؛ لأنه لا اطلاع لأحد على ما في قلبه فلا يخاف أن يعرض نفسه للعقاب.

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة