الفقه

آداب العطاس وتشميت العاطس

تشمت العاطس معناه الدعاء له بالخير والبركة، وكل من يدعو لأحد بخير فهو مشمِّت له، ويجوز أن يقال مسمِّت له بالسين.

ما يقال للعاطس

يسن للمسلم أن يشمت أخاه المسلم إذا عطس فيقول له: يرحمك الله. ويرد عليه العاطس فيقول له: يهديكم الله ويصلح بالكم.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: ‌يهديكم ‌الله ‌ويصلح بالكم)[البخاري]

حكمة مشروعية التشميت

قال ابن دقيق العيد: من فوائد التشميت تحصيل المودة، والتأليف بين المسلمين، وتأديب العاطس بكسر النفس عن الكبر، والحمل على التواضع لما في ذكر الرحمة من الإشعار بالذنب الذي لا يعرى عنه أكثر المكلفين.

هل يشمت العاطس الذي لم يحمد الله؟

إذا عطس أحد ولم يحمد الله فإن السنة ألا يُشمَّت حتى يحمد الله فإذا حمد الله شمته صاحبه.

عن أنس -رضي الله عنه- قال: عطس رجلان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقال الرجل: يا رسول الله، شمت هذا ولم تشمتني، قال: (إن هذا حمد الله، ولم تحمد الله)[البخاري]

وهذا الحكم عام وليس خاصا بالرجل الذي لم يشمت ودليل عموم هذا الحكم حديث أبي موسى الأشعري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (‌إذا ‌عطس ‌أحدكم فحمد الله ‌فشمتوه، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه)]مسلم]

حق المسلم على المسلم

بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تشميت العاطس من حق المسلم على أخيه المسلم.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (‌حق ‌المسلم ‌على ‌المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس)[البخاري]

لماذا يحمد العاطس ربه؟

قال ابن القيم: ولما كان العاطس قد حصلت له بالعطاس نعمة ومنفعة بخروج الأبخرة المحتقنة في دماغه التي لو بقيت فيه أحدثت له أدواء عسرة، شرع له حمد الله على هذه النعمة مع بقاء أعضائه على التئامها وهيئتها بعد هذه الزلزلة التي هي للبدن كزلزلة الأرض لها.

ماذا لو عطس الرجل أكثر من ثلاث؟

يجوز للمرء إذا عطس أخوه ثلاث مرات أن يكف عن قوله له يرحمك الله ويقول له: أنت رجل مزكوم، أو يدعي لصاحبه بالعافية.

عن سلمة قال: عطس رجل عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا شاهد، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يرحمك الله)، ثم عطس الثانية، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هذا ‌رجل ‌مزكوم)[الترمذي]

آداب العاطس

ينبغي على العاطس أن يراعي بعض الآداب عند العطاس منها:

  1. أن يخفض صوته بالعطاس ويرفع صوته بالحمد.
  2. أن يغطي وجهه لئلا يظهر من فمه ما يؤذي جليسه.
  3. لا يلوي عنقه يمينا ولا يسارا لئلا يتضرر من ذلك.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا عطس وضع يده -أو ‌ثوبه- ‌على ‌فيه، وخفض -أو غض- بها صوته)[أبو داود]

تشميت من في الخلاء

إذا كان الإنسان في الخلاء يقضي حاجته فسمع أحدا عطس فلا يجوز له أن يشمته، وهذا ما ذهب إليه الفقهاء الأربعة، كما كرهوا للإنسان إذا عطس وهو في الخلاء ألا يحمد الله بلسانه.

تشميت المرأة الأجنبية للرجل والعكس

إذا كانت المرأة شابة ويخشى الفتنة فلا يجوز لها أن تشمت الرجل، ولا يجوز للرجل أن يشمتها، قال السامري: يكره أن يشمت الرجل المرأة إذا عطست ولا يكره ذلك للعجوز.

وقال ابن الجوزي: وقد روينا عن أحمد بن حنبل -رضي الله عنه- أنه كان عنده رجل من العباد فعطست امرأة أحمد، فقال لها العابد: يرحمك الله. فقال أحمد رحمه الله: عابد جاهل.

تشميت المسلم للكافر

إذا عطس كافر أمام مسلم وحمد الله بعد عطاسه وسمعه فعليه أن يشمته بقوله: هداك الله أو عافاك الله.

عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: كان اليهود ‌يتعاطسون عند النبي -صلى الله عليه وسلم- يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله، فيقول: (يهديكم الله ويصلح بالكم)]الترمذي]

تشميت المصلي للعاطس

إذا شمت المصلي العاطس بطلت صلاته لأن هذا يعتبر من كلام الناس والصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس.

عن ‌معاوية بن الحكم السلمي قال: (بينا أنا أصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ ‌عطس ‌رجل ‌من ‌القوم فقلت: يرحمك الله،

فرماني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه ما شأنكم؟ تنظرون إلي! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت.

فلما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني.

قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن)[مسلم]

للاطلاع على المزيد: