السلام سنة مستحبة وليس بواجب، وهو سنة على الكفاية، فإذا كان المسلمون جماعة يكفي سلام واحد من أحدهم، وذهب الحنفية إلى أن الابتداء بالسلام واجب.
الأمر بإفشاء السلام
أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بإفشاء السلام على المسلمين من عرفت منهم ومن لم تعرف، وبين أن إفشاء السلام ينشر المحبة بين الناس، وأنهم لا يدخلون الجنة حتى يؤمنوا ولا يتم الإيمان حتى يتحابوا.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)[مسلم]
السلام على الصبيان والنساء
كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يسلم على الصبيان، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر على غلمان فسلم عليهم).
والغلمان هم الصبيان، والحديث فيه دليل على استحباب السلام على الصبيان، ودليل على تواضع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولطفه بالصغار.
وأما السلام على النساء فإذا كن مجتمعات سلم عليهن، وإن كانت واحدة سلم عليها النساء.
وأما الأجنبي فيجوز له أن يسلم على المرأة إذا كانت عجوزا لا تشتهى، وأما إذا كانت تشتهى فلا يجوز إلقاء السلام، ومن ألقى السلام سواء رجل أو امرأة على الآخر لا يستحق أن يرد عليه الآخر.
فكان من هدي رسول الله إذا مر على النساء يسلم عليهن، فعن شهر بن حوشب يقول: أخبرته أسماء ابنة يزيد: (مر علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- في نسوة، فسلم علينا)[أبو داود]
وعن سهل قال: كنا نفرح يوم الجمعة، قلت: ولم؟ قال: كانت لنا عجوز، ترسل إلى بضاعة -قال ابن مسلمة: نخل بالمدينة-
فتأخذ من أصول السلق، فتطرحه في قدر، وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا، ونسلم عليها فتقدمه إلينا، فنفرح من أجله، وما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة)[البخاري]
آداب السلام
من آداب السلام أن يسلم الصغير على الكبير والماشي على الجالس، والقليل على الكثير.
فعن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير)[البخاري]
تحية المسجد
كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل المسجد أن يصلي تحية المسجد ركعتين، ثم يأتي القوم فيسلم عليهم، فتكون تحية المسجد قبل تحية الناس.
عن أبي قتادة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)[مسلم]
وكان من عادة أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الواحد منهم المسجد صلى أولا ثم يأتي رسول الله فيسلم عليه.
عن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل المسجد، فدخل رجل فصلى، فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فرد، وقال: (ارجع فصل، فإنك لم تصل).
فرجع يصلي كما صلى، ثم جاء، فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ارجع فصل فإنك لم تصل). ثلاثا،
فقال: والذي بعثك بالحق، ما أحسن غيره، فعلمني؟ فقال: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القران، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، وافعل ذلك في صلاتك كلها)[البخاري]
قال ابن القيم: فيسن لداخل المسجد إذا كان فيه جماعة ثلاث تحيات مترتبة: أن يقول عند دخوله: بسم الله والصلاة على رسول الله، ثم يصلي ركعتين تحية المسجد، ثم يسلم على القوم.
إرسال السلام للغائبين
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسلم على من يكون يقابله، ويحمِّل السلام للغائبين عنه، ويتحمل السلام لمن أرسله له، فقد تحمل النبي -صلى الله عليه وسلم- السلام من جبريل لخديجة ولعائشة -رضي الله عنهما-.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتى جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب)[البخاري]
وعن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا عائش، هذا جبريل يقرأ عليك السلام. قالت: فقلت: وعليه السلام ورحمة الله، قالت: وهو يرى ما لا أرى)[مسلم]
الصيغة الكاملة للسلام
بعض الناس ربما يختصرون لفظ السلام فيقولون: السلام عليكم. والبعض يقول: السلام عليكم ورحمة الله. لكن الصيغة الكاملة للسلام هي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن عمران بن حصين قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام، ثم جلس، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عشر)
ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه، فجلس، فقال: (عشرون)
ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، فجلس، فقال: (ثلاثون)[أبو داود]
صيغة رد السلام
الأصل في صيغة رد السلام أن تنتهي إلى وبركاته فيقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وإذا قال من يلقي السلام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فالزيادة تكون واجبة، فلو اقتصر من يلقي السلام على لفظ: السلام عليكم. كانت الزيادة مستحبة لقول الله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا).
السلام علي أهل الكتاب
ورد حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول فيه: (لا تبدؤوهم بالسلام، وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطريق)[أبو داود]
وهذا الحديث قد اختلف السلف والخلف فيه، فمنهم من قال لا يبدؤون بالسلام. ومنهم من ذهب إلى جواز أن نبدأهم بالسلام كابن عباس ووجه في مذهب الشافعي لكن يقال له: السلام عليك فقط دون ذكر الرحمة لأنه ليس أهلها.
ومن العلماء من قال إن هذا كان في قضية بني قريظة أثناء سيرهم لهم، فهذا حكم عام يختص بمن هذا حاله.
قال الأوزاعي: إن سلمت فقد سلم الصالحون، وإن تركت فقد ترك الصالحون.
للاطلاع على المزيد: