السُنة النبوية

مكانة النبي وثناء الله عليه في القرآن

عظم الله جناب نبيه -صلى الله عليه وسلم- في القرآن فخاطبه بوصف الرسالة والنبوة، وأمر عباده بالصلاة عليه، وأخبر أنه شهيد على أمته وعلى الأمم من قبلهم.

خاطب الله نبيه بوصف الرسالة

لم يخاطب الله تعالى نبيه في القرآن باسمه مجردا بل خاطبه بالنبوة، قال الله تعالى: (‌يَاأَيُّهَا ‌النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ).

وقال الله: (‌يَاأَيُّهَا ‌النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).

وخاطب الله نبيه بوصف الرسالة فقال: (‌يَا أَيُّهَا ‌الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ). وقال الله: (‌يَاأَيُّهَا ‌الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ).

ولما ذكر الله اسم نبيه محمدا -صلى الله عليه وسلم- أتبعه بوصف الرسالة فقال: (مَا كَانَ ‌مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ). وقال الله: (‌مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ).

وهذا على خلاف غيره من الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن فقد ذكر الله أسمائهم مجردة من وصف النبوة والرسالة فقال الله:

(قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى ‌وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).

وقال الله: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ

وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى ‌وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ)

الأمر بالصلاة على النبي

أخبر الله أنه صلى هو وملائكته على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمر الله عباده المؤمنين بالصلاة على نبيه فقال الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ ‌يُصَلُّونَ ‌عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

وصلاة الله على نبيه بمعنى الرحمة والغفران، والصلاة من الملائكة بمعنى الدعاء والاستغفار، والصلاة من المؤمنين بمعنى الدعاء والتضرع إلى الله أن يعلي شأن نبيه وأن يرفع قدره.

عن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم ‌إنك ‌حميد ‌مجيد)البخاري

شهادة النبي على الأمم

قال الله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ‌وَيَكُونَ ‌الرَّسُولُ ‌عَلَيْكُمْ ‌شَهِيدًا).

بعد أن ذكر الله سفاهة الكافرين والمنافقين في شأن تحويل القبلة، ذكر الله عدالة المؤمنين، فبضدها تتميز الأشياء.

فبين الله أنه جعلهم عدولا ليكونوا شهداء على الأمم السابقة أن أنبياءهم بلغوهم، وهم يشهدون عليهم مع أنه لم يروهم اعتمادا على إخبار الله لهم ذلك في القرآن الكريم.

ويشهد النبي -صلى الله عليه وسلم- على شهادة أمته وأن ما قالوه حق وصدق لأنه أيضا يشهد على ما في القرآن الذي أوحاه الله إليه والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يدعى نوح يوم القيامة، فيقول: ‌لبيك ‌وسعديك يا رب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول: نعم،

فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟

فيقول: محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلغ: (ويكون الرسول عليكم شهيدا). فذلك قوله جل ذكره: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا). والوسط العدل.البخاري

وقال الله: (‌فَكَيْفَ ‌إِذَا ‌جِئْنَا ‌مِنْ ‌كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

والمعنى كيف يكون حال هؤلاء إذا جاء الله بكل الأنبياء ليشهدوا على أممهم وجاء الله بك يا محمد لتشهد على هؤلاء الأنبياء أنهم قد بلغوا أممهم، أو لتشهد على أمتك، وعلى هؤلاء الرسل.

عن عبد الله بن مسعود قال: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اقرأ علي). قلت: يا رسول الله، آقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: (نعم).

فقرأت سورة النساء، حتى أتيت إلى هذه الآية: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا). قال: (حسبك الآن). فالتفت إليه فإذا ‌عيناه ‌تذرفان.البخاري

أقسم الله بحياة نبيه

قال الله: (‌لَعَمْرُكَ ‌إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ).

هذا قسم بحياة النبي -صلى الله عليه وسلم- قال أبو الجوزاء: ما أقسم الله بحياة أحد غير محمد -صلى الله عليه وسلم- لأنه أكرم البرية عنده.

وهذا هو رأي ابن جرير وابن كثير وجمهور من المفسرين، وذهب إلى ذلك ابن عباس قبلهم، حيث قال: ما خلق الله وما ذرأَ وما برأَ نفسًا أَكرم عليه من محمد -صلى الله عليه وسلم- وما سمعت الله أَقسم بحياة أَحد غيره.

مواضيع ذات صلة