ورد في السنة النبوية الكثير من المعجزات الحسية التي أيد الله بها نبيه محمدا -صلى الله عليه وسلم- كدليل على صدق نبوته، وصدقه فيما يبلغه للناس عن ربه.
نبع الماء من بين أصابع النبي
في عام الحديبية سنة ست من الهجرة كان هناك إناء صغير من جلد يشربون منه الماء فتوضأ النبي -صلى الله عليه وسلم- منه ولم يبق إلا القليل من الماء، فلم يجد الصحابة ما يتوضؤون به، فجاءوا للنبي -صلى الله عليه وسلم- فوضع يده في الماء حتى فار الماء وشربوا وتوضؤا وسقوا دوابهم.
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: عطش الناس يوم الحديبية، والنبي -صلى الله عليه وسلم- بين يديه ركوة فتوضأ، فجهش الناس نحوه، فقال: (ما لكم).
قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، فوضع يده في الركوة، فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا. قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة)[البخاري]
تكثير الطعام ببركته ودعائه
كان من معجزاته -صلى الله عليه وسلم- تكثير القليل من الطعام الذي لا يكاد يكفي إلا ثلاثة رجال، فتولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توزيع الطعام حتى كان كافيا للعدد الكثير من المهاجرين والأنصار ممن كانوا يقومون بحفر الخندق.
عن جابر -رضي الله عنه- قال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: (أنا نازل).
ثم قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- المعول فضرب الكدية، فعاد كثيبا أهيل، أو أهيم،
فقلت: يا رسول الله، ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا ما كان في ذلك صبر، فعندك شيء؟
قالت: عندي شعير وعناق، فذبحت العناق، وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي -صلى الله عليه وسلم- والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافي قد كادت تنضج،
فقلت: طعم لي، فقم أنت يا رسول ورجل أو رجلان، قال: (كم هو). فذكرت له قال: (كثير طيب، قال: قل لها: لا تنزع البرمة، ولا الخبز من التنور حتى آتي، فقال: قوموا).
فقام المهاجرون والأنصار، فلما دخل على امرأته قال: ويحك جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم،
فقال: (ادخلوا ولا تضاغطوا). فجعل يكسر الخبز، ويجعل عليه اللحم، ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه، ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر الخبز، ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية، قال: (كلي هذا وأهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة)[البخاري]
تكثير القليل ببركته
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (لما كان غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة، قالوا: يا رسول الله، لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا،
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: افعلوا، قال: فجاء عمر، فقال: يا رسول الله، إن فعلت قل الظهر، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم، ثم ادع الله لهم عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نعم. قال: فدعا بنطع فبسطه، ثم دعا بفضل أزوادهم. قال: فجعل الرجل يجيء بكف ذرة، قال: ويجيء الآخر بكف تمر، قال: ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير.
قال: فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليه بالبركة، ثم قال: خذوا في أوعيتكم، قال: فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملؤوه،
قال: فأكلوا حتى شبعوا، وفضلت فضلة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة)[مسلم]
شهادة الشجر للنبي بالنبوة
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كنت جالسا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتاه أعرابي فقال:
(هل لك في خير؟ تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) قال: ومن يشهد لك؟ قال: (هذه السلمة)
فدعاها وهي على شاطئ الوادي، فجاءت تخد الأرض حتى قامت بين يديه، فاستشهدها فشهدت ثلاث مرات، ثم رجعت إلى مكانها.
فقال الأعرابي: آتي قومي، فإن تابعوني أتيتك بهم، وإلا رجعت إليك فأكون معك)[أبو يعلى]
السلمة شجرة العضاة ورقها القَرَظ، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- واقفا بطرف الوادي فلما دعاها جاءت تشق الأرض حتى وقفت بين يديه.
حنين الجذع
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار، أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرا؟
قال: (إن شئتم). فجعلوا له منبرا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي،
ثم نزل النبي -صلى الله عليه وسلم- فضمها إليه، تئن أنين الصبي الذي يسكن. قال: (كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها)[البخاري]
تسليم الحجر عليه
عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن)[مسلم]
شهادة الحيوان للنبي بالنبوة
عن أبي سعيد الخدري قال: عدا الذئب على شاة، فأخذها فطلبه الراعي، فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذنبه،
قال: ألا تتقي الله، تنزع مني رزقا ساقه الله إلي، فقال: يا عجبي ذئب مقع على ذنبه، يكلمني كلام الإنس،
فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد -صلى الله عليه وسلم- بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق،
قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه، حتى دخل المدينة، فزواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنودي الصلاة جامعة، ثم خرج،
فقال للراعي: ” أخبرهم ” فأخبرهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صدق والذي نفسي بيده، لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس، ويكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده)[أحمد]