تعظيم الله لنبيه في القرآن وثناؤه عليه
ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي يعظم الله تعالى فيها قدر نبيه -صلى الله عليه وسلم- ويثني فيها عليه، فسماه الله بالرؤوف الرحيم، وامتن على العرب به، وأمر الله بطاعته وطاعة نبيه.
سمى الله نبيه رؤوفا رحيما
قال الله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
لقد جاءكم يا معشر العرب رسول منكم تعرفون نسبه وتعرفون نشأته وأخلاقه، وهذا الرسول يشق عليه ما يشق عليكم.
حريص على ما فيه مصلحتكم، فلا يقصر في جلب خير لكم، ولا في دفع ضرر عنكم، شديد الرحمة بالمؤمنين منكم ومن غيركم.
قال الحسن بن فضيل: “لَمْ يَجْمعِ اللهُ لأَحدٍ منَ الأَنبياءِ بينَ اثنينِ من أَسمائه إِلَاّ لِلنَّبى -صلَى الله علَيه وسلَّم- فَقَد سمَّاه رَؤُوفًا رَّحِيمًا”.
وقد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يؤكد هذا المعنى فيما رواه مسلم عن واثلة بن الأسقع قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم).
امتن الله على العرب بإرسال رسول منهم
قال الله: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ).
امتن الله الله على العرب بأن جعل المسجد الحرام هو قبلة الصلاة، وهي قبلة أبيهم إبراهيم -عليه السلام-.
كما امتن عليهم بأن جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم استجابة لدعوة نبيه إبراهيم حيث دعا ربه فقال:
(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
وهذا الرسول الذي امتن عليكم بأن جعله منكم، يعلمكم ويرشدكم للطريق المستقيم، وهو طريق الله من خلال الكتاب الذي أنزله عليه وهو القرآن الكريم.
وهو كتاب محفوظ من التبديل والتحريف، ويطهر نفوسكم ويعلمكم كتاب الله وما فيه من أصول التوحيد وشعائر الإسلام والأحكام والأخلاق.
ويعلمكم الحكمة وهي إصابة الحق ووضع كل شيء في موضعه، ويعلمكم الله على لسان نبيه ما لم تكونوا تعلمونه من قبل.
وصف الله نبيه بأنه رحمة للعالمين
قال الله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).
وما أرسلناك أيها النبي بالهدى والحق إلا رحمة للخلق أجمعين، بما فيهم من الإنس والجن والحيوان من خلال الوحي الذي أوحاه الله له.
ورسول الله رحمة للعالمين لأنه وضح للناس العقيدة الصحيحة التي من خلالها ينالون الرحمة وينجون من عقاب الله.
ووضح لهم الأحكام التي بها يتعامل بها الإنسان مع أخيه الإنسان، والضوابط التي من خلالها تعامل الإنسان مع الحيوان، فحرم التلذذ بتعذيب الحيوان؛ لأنه نفس تشعر وتتألم كما يتألم الإنسان.
النبي مبشر ونذير وسراج منير
قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)
اشتملت هاتان الآيتان على خمسة أوصاف للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهي: شاهد ومبشر ونذير وداعي إلى الله وسراج منير. وهي الأوصاف التي وصف بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في التوراة.
ومعنى شاهد: أي تشهد لله بالوحدانية، وتشهد على من أرسلت إليهم، وتشهد على جميع الأمم أن أنبياءهم بلغوهم، فقد قال الله: (لتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)
ومعنى المبشر: أي تبشر المؤمنين بالجنة. والنذير: أي تخوف الكافرين والعصاة من النار.
وداعيا إلى الإيمان بالله واتصافه بكل كمال يليق بذاته المقدسة، وإلى طاعته والتزام أوامره.
ووصف الله نبيه بأنه سراج منير أي يستضيء به كل الناس ليخرجوا به من ظلمات الجهل والكفر وظلمات الشهوات والشبهات.
رفع الله ذكر نبيه
قال الله: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ).
لا يكمل إيمان إلا بالنطق بالشهادتين، ولا يتم الأذان إلا بالنطق باسمه في الشهادتين، وكذلك في الإقامة، وفي كل صلاة يذكر فيها اسمه حيث ينطق المسلم بالشهادتين في التشهد، فما رفع الله ذكر أحد كما رفع ذكر نبيه -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة.
قرن الله الإيمان به بالإيمان برسوله
قال الله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)
جعل الله من الموجبات التي لا يتم الإيمان إلا بها، الإيمان بالله أولا، والإيمان برسوله -صلى الله عليه وسلم-، والإيمان بالقرآن الذي أنزله الله على نبيه، والإيمان بالكتب السابقة التي أنزلها الله على الأنبياء السابقين على سبيل الإجمال.
قرن الله طاعته بطاعة رسوله
قال الله: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
قرن الله طاعته بطاعة رسوله وجمع بينما بواو العطف ولا يجوز هذا في حق غيره صلى الله عليه وسلم.
فأطيعوا الله بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وأطيعوا رسوله فيما بلغكم عن ربكم، قال الله: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
طاعة الرسول طاعة لله
قال الله: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا).
إن طاعة الرسول فيما يبلغه عن الله طاعة لله، فمن أطاعه في ذلك فقد أطاع الله، لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى وإنما يبلغ الوحي الذي أوحاه الله إليه، قال الله: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
اتباع الرسول دليل على محبة الله
قال الله: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
قال القرطبي: رُوي: أن المسلمين قالوا: يا رسول الله، والله إنا لنُحِبُّ ربنا .. فأنزل الله هذه الآية.
والمعنى: قل أيها النبي لهؤلاء الذين يدعون محبة الله لابد وأن تبرهنوا على صدق محبتكم لله باتباع رسوله فيما بلغكم به عن ربكم، فمن أحب الله فليتبع نبيه هذا هو البرهان على المحبة لله فليست محبة الله مجرد ادعاء باللسان.
للاطلاع على المزيد: