دلائل وأمارات محبة الله عز وجل

محبة الله تعالى ليست مجرد ادعاء باللسان خال عن الأفعال، وإنما هي قول لابد وأن يصاحبه العمل الذي يدل عليه، وهذه الأعمال التي تدل على محبة الله كثيرة منها:

الإيمان بالله من دلائل محبة الله

تكلم الله عن عباده المؤمنين الذين وعدهم الله بالخلافة في الأرض، وذكر من صفاتهم أنهم يعبدون الله وحده ولا يشركون به شيئا.

قال الله: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ

وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي ‌لَا ‌يُشْرِكُونَ ‌بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).

اتباع النبي علامة على محبة الله

مما يدل على محبة الإنسان لربه إتباعه للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الطريق الموصل إلى الله ولا سبيل لمعرفة ما أمر الله به وما نهى عنه إلا من خلال نبيه الذي أوحى إليه.

قال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ ‌تُحِبُّونَ ‌اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

فمحبة طاعة الله دليل على محبة الله، وأما من يدعي المحبة ولا يطيع أمر ربه فهذا ادعاء كاذب، قال الحسن: اعلمْ أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته.

والآية فيها دليل على أن محبة الله مستلزمة لمحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي دليل على أن النطق بشهادة أن لا إله إلا الله، لا يكمل إلا بالنطق بشهادة أن محمدا رسول الله.

وقرن الله بين محبته ومحبة رسوله في قول الله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا ‌أَحَبَّ ‌إِلَيْكُمْ ‌مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ..)

ثلاث يتذوق الإنسان بها حلاوة الإيمان

بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من الأمور التي يتذوق الإنسان بها حلاوة الإيمان المحبة لله ولرسوله، ومحبة الإنسان لأخيه في الله، وبغض الرجوع للكفر والمعاصي.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌ثلاث ‌من ‌كن ‌فيه ‌وجد ‌حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)[البخاري]

موافقة الظاهر للباطن

إذا امتلأ القلب بمحبة الله سكن القلب واطمئن، وفاض على الجوارح فعملت بما فيه رضى الله، فلا يخشى أحدا إلا الله، ولا يرغب إلا في الله.

تأمل في حال سحرة فرعون لما تيقنوا من أن ما جاء به موسى -عليه السلام- إنما هو معجزة من عند الله، وليس شيئا من السحر الذي يتقنون فنونه.

فلما استقر هذا امعنى في نفوسهم لم يكابروا ولم يعاندوا، وإنما أعلنوا أمام الملأ إيمانهم برب هارون وموسى.

لكن فرعون ظن أن هذه مؤامرة عليه فهددهم بالقتل وتقطيع الأيدي والأرجل والصلب على جذوع النخل.

لم يأبه هؤلاء السحرة الذين امتلأت قلوبهم بمحبة الله لتهديد فرعون، وإرهابه لهم فكان ردهم عليه ما قاله الله:

(قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ‌فَاقْضِ ‌مَا ‌أَنْتَ ‌قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)

وهم بذلك يوحون له، أنك وإن كان لك الملك والسلطان علينا في الدنيا، فليس بيننا وبين نعيم الله إلا أن تقضي على تلك الأجسام، فننتقل إلى عالم آخر لا تستطيع الوصول إلينا فيه.

ظهور أثر محبة الله على الجوارح

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

(إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي ‌يتقرب ‌إلي ‌بالنوافل ‌حتى أحبه، فإذا أحببته:

كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)[البخاري]

هذا معناه أن محبة الله إذا امتلأ القلب بها، فاضت على الجوارح فلا تنطلق إلا إلى مراضي الله.

القلب السليم

من أمارات محبة الله القلب السليم، الخالي عن الشك والشرك والنفاق، وهذا هو الذي ينفع الإنسان يوم لقائه بربه، قال الله تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).

النجاة من أهوال يوم القيامة

من صدق في قول لا إله إلا الله بأن صدّق بها بقلبه، وعمل بمقتضاها بجوارحه، كانت سببا في نجاته من أهوال يوم القيامة.

عن عبد الله بن مغفل، أن رجلا لقي امرأة كانت بغيا في الجاهلية، فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها.

فقالت المرأة: مه، فإن الله -عز وجل- قد ذهب بالشرك .. وجاءنا بالإسلام. فولى الرجل، فأصاب وجهه الحائط، فشجه.

ثم أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، فقال: ” أنت ‌عبد ‌أراد ‌الله ‌بك ‌خيرا. إذا أراد الله -عز وجل- بعبد خيرا عجل له عقوبة ذنبه، وإذا أراد بعبد شرا أمسك عليه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة كأنه عير)[أحمد]

للاطلاع على المزيد:

Exit mobile version