العقيدة الإسلامية

أهل التوحيد لا يخلدون في النار

أهل التوحيد الذين نطقوا بالشهادتين بألسنتهم، وآمنوا بها بقلوبهم، لا يخلدون في النار، بل يعاقبون على ذنوبهم ثم يخرجون منها ويدخلون الجنة، وقد ورد الكثير من الأحاديث التي تؤكد هذا المعنى.

دليل تحريم النار على الموحدين

عن أنس بن مالك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعاذ رديفه على الرحل، قال: (يا معاذ بن جبل).

قال: ‌لبيك ‌يا ‌رسول ‌الله ‌وسعديك، قال: (يا معاذ). قال: ‌لبيك ‌يا ‌رسول ‌الله ‌وسعديك، ثلاثا،

قال: (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار).

قال: يا رسول الله، أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال: (إذا يتكلوا). وأخبر بها معاذ عند موته تأثما.[البخاري]

فوائد الحديث

  • أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد اختص معاذ بعلم دون غيره، وهذا يدل على أنه يجوز أن يبذل العلم لمن يكون فيهم شيء من الضبط والنباهة بحيث يستطيعون الضبط والفهم.
  • فالعلم لا يعطي لمن لا يفهمه، ولا يخاطب الناس بما هو فوق أفهامهم، وإنما يخاطبون بما    يتناسب مع مستوى عقولهم.
  • ويؤخذ من الحديث أن الإنسان إذا كان عنده علم ورأى الناس يميلون للترخص فلا يودعهم ما يوهم الترخص من العلم، بل يودعه من يحسن تلقيه وفهمه.
  • فقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاذ أن يخبر الناس به لئلا يتكلوا، لكن معاذ أخبر به عند موته خوفا من أن يكون قد كتم العلم.
  • ومعنى : (حرمه الله على النار ). أي حرمه الله من الخلود في النار؛ لأن أهل التوحيد لا يخلدون في النار كالكفار وإنما قد يعاقبون على بعض الذنوب.
  • أهل التوحيد يعاقبون

يعذب المؤمنون على معاصيهم

مما يدل على أن الموحدين يعاقبون على ما ارتكبوه من ذنوب حديث عن ‌أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

(يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: ‌أخرجوا ‌من ‌النار من كان في قلبه ‌مثقال حبة من خردل من إيمان.

فيخرجون منها قد اسودوا، فيلقون في نهر الحيا أو الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية)[البخاري]

وأهل التوحيد لا تسقط عنهم مظالم العباد وإنما يعاقبون عليها، فعن ‌عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يغفر للشهيد ‌كل ‌ذنب ‌إلا ‌الدين)[مسلم]

لا يحجب عن الجنة الموحدون

عن ‌أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (لما كان غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة، قالوا: يا رسول الله، لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: افعلوا، قال: فجاء عمر، فقال: يا رسول الله، إن فعلت قل الظهر، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم، ثم ادع الله لهم عليها بالبركة لعل الله أن يجعل في ذلك.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نعم. قال: فدعا بنطع فبسطه، ثم دعا بفضل أزوادهم. قال: فجعل الرجل يجيء بكف ذرة، قال: ويجيء الآخر بكف تمر،

قال: ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير. قال: فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليه بالبركة.

ثم قال: خذوا في أوعيتكم، قال: فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملؤوه، قال: فأكلوا حتى شبعوا، وفضلت فضلة.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك ‌فيحجب ‌عن ‌الجنة)[مسلم]

وهذ الحديث وأمثاله من الأحاديث التي تثبت دخول الجنة والحجب عن النار لمن قال: لا إله إلا الله وشهد لنبيه بالرسالة، إنما كانت قبل أن تنزل الأوامر والنواهي والفرائض.

وذهب البعض من العلماء إلى أنها من المجمل الذي يحتاج لتفسير ومعناها أن من قال هذه الكلمة وأدى حقها حرمت عليه النار.

معنى حديث: وإن زنى وإن سرق

عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه ثوب أبيض، وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ، فقال:

(ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة).

قلت: ‌وإن ‌زنى ‌وإن ‌سرق؟ قال: (‌وإن ‌زنى ‌وإن ‌سرق). قلت: ‌وإن ‌زنى ‌وإن ‌سرق؟ قال: (‌وإن ‌زنى ‌وإن ‌سرق). قلت: ‌وإن ‌زنى ‌وإن ‌سرق؟

قال: (‌وإن ‌زنى ‌وإن ‌سرق على رغم أنف أبي ذر). وكان أبو ذر إذا حدث بهذا قال: وإن رغم أنف أبي ذر.

قال أبو عبد الله البخاري: هذا عند الموت، أو قبله إذا تاب وندم، وقال: لا إله إلا الله، غفر له. [البخاري]

قول النبي -صل الله عليه وسلم-: (وإن زنى وإن سرق). يؤكد أن الذنوب لا توجب الخلود لصاحبها في النار، وإنما أهل التوحيد يدخلون الجنة لكن بعد أن ينقوا من ذنوبهم.

فكل من يذنب منهم فهو في مشيئة الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه، وقد أول الإمام البخاري الحديث هنا بقوله: أن هذا يكون عند الموت أو قبل الموت إذا تاب وندم على ما مضى من ذنوبه.

ومعنى : (وإن رغم أنف أبي ذر). الرغم هو التراب ومعنى أرغم الله أنفه أي ألصقه بالتراب وهذا فيه من الذل والهوان ما فيه.

فإن أعلى شيء في الإنسان إذا ألصق بالتراب يكون ذلك في غاية الذل والهوان.

شروط لا إله إلا الله

إن قول لا إله إلا الله الذي ينجي صاحبه من النار ويوجب له الجنة، له شروط لابد من توافرها حتى ينتفع العبد بها، وبدون هذه الشروط لا ينتفع العبد بها.

قيل للحسن: إن ناسًا يَقُولُونَ: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة؟ فَقَالَ: من قال: لا إله إلا الله، فأدّى حقها وفرضها دخل الجنة.

وقال وهب بن منبه لمن سأله: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى، ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنانُ؛ فإن جئت بمفتاح له أسنان فُتح لك، وإلا لم يُفتَح لك.

ومما يؤكد أن لقول: لا إله إلا الله، شروط لابد منها حتى ينتفع العبد بها، ما رواه أبو أيوب -رضي الله عنه- أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ‌أخبرني ‌بعمل ‌يدخلني ‌الجنة.

قال: ماله ماله. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أرب ماله، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم)[البخاري]

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن أعرابيا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: دلني على عمل، إذا عملته دخلت الجنة.

قال: (تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة، ‌وتؤدي ‌الزكاة ‌المفروضة، وتصوم رمضان).

قال: والذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا. فلما ولى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر إلى هذا)[البخاري]

مواضيع ذات صلة