تعليم رسول الله لزوجاته فضائل الأعمال ومكارم الأخلاق
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتعهد أهل بيته بتعليمهن فضائل الأعمال، ومكارم الأخلاق، فيأمرهن بالحلم واللين، وعدم استصغار الذنوب، وينهاهن عن تحقير الناس.
النهي عن الكلام بغير علم
عن عائشة أم المؤمنين قالت: (دعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى جنازة صبي من الأنصار فقلت: يا رسول الله طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء، ولم يدركه.
قال: أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق للجنة أهلا خلقهم لها، وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم)[مسلم]
جاء في كتاب المسالك شرح موطأ مالك: قال علماؤنا -عن هذا الحديث-: هو منسوخ بقوله -صلّى الله عليه وسلم- في إبراهيم: (إِنَ لَهُ مَوْضِعًا في الْجَنَّةِ)،
ولقوله: (مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ)
ومعلومٌ أنّه لو لم يكونوا في الجَنَّةِ لَمَا مَنَعُوهُ النّارَ وأدخلوه الجنَّة.
وأيضًا: فإنّ النّبيِّ – صلّى الله عليه وسلم – حينئذٍ لم يكن يعرف ولا يدري، حتّى عرَّفَهُ اللهُ بعد ذلك، فقال في إبراهيم ابْنِهِ وغيره ما قال،
فيقطع أنّ ولد المسلم في الجَنَّة، وولد الكافر في المشيئة، والّذي صَرَّحَ أنّ وَلَدَ المسلمِ في الجَنَّة، قولُه تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ).
الأمر بالتقوى
كان رسول الله -صل الله عليه وسلم- يأمر زجاته بتقوى الله حتى يكون بينهن وبين النار حجاب.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا عائشة عليك بتقوى الله -عز وجل- والرفق، فإن الرفق لم يكن في شيء إلا زانه، ولم ينزع الرفق من شيء إلا شانه)[أحمد]
التربية على الحلم
عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لها: (يا عائشة، ارفقي، فإن الله إذا أراد بأهل بيت خيرا، دلهم على باب الرفق)[أحمد]
قال الزمخشري: الرفق اللين ولطافة الفعل، ومن المجاز هذا الأمر رفق بك وعليك ورفيق نافع وهذا أرفق بك.
وقال الغزالي: الرفق محمود وضده العنف والحدة، والعنف ينتجه الغضب والفظاظة، والرفق واللين ينتجهما حسن الخلق والسلامة،
والرفق ثمرة لا يثمرها إلا حسن الخلق، ولا يحسن الخلق إلا بضبط قوة الغضب وقوة الشهوة وحفظهما على حد الاعتدال، ولذلك أثنى المصطفى -صلى الله عليه وسلم- على الرفق وبالغ فيه. [فيض القدير]
النهي عن العنف والفحش في القول
عن عائشة -رضي الله عنها-: أن يهود أتوا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: السام عليكم، فقالت عائشة: عليكم، ولعنكم الله، وغضب الله عليكم.
قال: (مهلا يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش). قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: (أو لم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في)[البخاري]
تعليم العقيدة الصحيحة
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلم زوجاته العقيدة الصحيحة ويحذرهن مما وقع فيه غيرهن من الأمم السابقة.
عن عائشة -رضي الله عنها-: أن أم حبيبة وأم سلمة: ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة، فيها تصاوير، فذكرتا للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال:
(إن أولئك، إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات، بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة)[البخاري]
إزالة النبي المنكر من بيته
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (دخل علي النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي البيت قرام فيه صور، فتلون وجهه ثم تناول الستر فهتكه، وقالت:
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور)[البخاري]
النهي عن تحقير الناس
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: حسبك من صفية كذا وكذا، -تعني قصيرة- فقال:
(لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته)
قالت: وحكيت له إنسانا، فقال: (ما أحب أني حكيت إنسانا وأن لي كذا وكذا)[أبو داود]
التحذير من صغائر الذنوب
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا عائشة إياك ومحقرات الأعمال، فإن لها من الله طالبا)[ابن ماجه]
السؤال عما أشكل
كانت زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألنه عما أشكل عليهن من الأحكام والمسائل حتى يعرفن الصواب فيها.
عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من نوقش الحساب عذب). قالت: قلت: أليس يقول الله تعالى: (فسوف يحاسب حسابا يسيرا). قال: (ذلك العرض)[البخاري]
غَيْرة الزوجات
عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: (إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج من عندها ليلا قالت: فغرت عليه فجاء فرأى ما أصنع
فقال: ما لك يا عائشة، أغرت؟. فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أقد جاءك شيطانك؟.
قالت: يا رسول الله، أومعي شيطان؟ قال: نعم. قلت: ومع كل إنسان؟ قال: نعم. قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال: نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم)[مسلم]
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام،
فضربت التي النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلق الصفحة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول:
(غارت أمكم) ثم حبس لخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأ مسك المكسورة في بيت التي كسرت)[البخاري]
للاطلاع على المزيد: