الصيام

ما ينهى عنه الصائم أثناء صيامه

يوجد بعض الأمور التي ينهى الصائم عنها أثناء الصيام منها: الوصال في الصوم، والجماع، وتقبيل الزوجة لمن لم يتحكم في شهوته، وهناك أيام ينهى عن صيامها كالعيدين.

النهي عن الوصال في الصوم

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- واصل فواصل الناس، فشق عليهم، فنهاهم، قالوا: إنك تواصل، قال: (‌لست ‌كهيئتكم، إني أظل أطعم وأسقى)[البخاري]

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا تواصلوا، فأيكم إذا أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر).

قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله، قال: (إني ‌لست ‌كهيئتكم، إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقين)[البخاري]

معنى الوصال

الوصال هو أن يصوم الإنسان يومين أو أكثر متواصلا بحيث لا يتناول شيئا في الليل من ماء ولا مأكول، فإن أكل شيئا يسيرا من الليل لا يكون مواصلا.

حكمة النهي عن الوصال

والحكمة في النهي عن الوصال في الصوم لئلا يضعف عن الصيام وسائر الطاعات؛ لأن البدن يتضرر بذلك، ويفضي ذلك لأنواع من الضرر.

معنى أظل أطعم وأسقى

معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (إني أظل أطعم وأسقى).

ليس المراد حقيقة الأكل والشرب؛ لأنه لو كان كذلك لم يكن مواصلا في صيامه، أو أن المعنى أن الله يخلق فيه من الشبع والري ما يغنيه عن الطعام والشراب.

لكن هذا الرأي رده أبو العباس القرطبي لأنه ينافي حالة الصائم من الجوع والعطش فقال: وهذا القول يبعده النظر إلى حاله -صلى الله عليه وسلم- فإنه كان يجوع أكثر مما يشبع، ويربط على بطنه الحجارة من الجوع،

ويبعده أيضا النظر إلى المعنى وذلك أنه لو خلق فيه الشبع والري لما وجد لعبادة الصوم روحها الذي هو الجوع والمشقة وحينئذ كان يكون ترك الوصال أولى.

تقبيل الصائم لزوجته

عن ‌عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ‌يقبل ‌وهو ‌صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه أملككم لإربه)[مسلم]

والإرب هو حاجة النفس ووطرها، والمعنى: أيكم أغلب لهواه وحاجته.

والحكم الذي يؤخذ من هذا الحديث جواز أن يقبل الرجل زوجته وهو صائم إلا أن يعلم من نفسه أنه لا يسلم مما يفسد صيامه كإنزال أو جماع فإنه في هذه الحالة لا يجوز له التقبيل؛

لأنه إذا كان هناك إنزال بطل الصوم ووجب القضاء، وإذا كان هناك جماع وجب القضاء الكفارة.

وهناك من العلماء من فرق بين الشاب والشيخ فكره القبلة للشاب لقوة الشهوة عنده، وأجازها للشيخ لضعف الشهوة عنده.

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المباشرة للصائم، (فرخص له)، وأتاه آخر، فسأله، (فنهاه)، فإذا الذي رخص له ‌شيخ، والذي نهاه ‌شاب)[أبوداود]

كفارة الجماع في نهار رمضان

إذا جامع الرجل زوجته في نهار رمضان وجب عليه قضاء هذا اليوم في غير رمضان، وعليه الكفارة.

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكت، يا رسول الله! قال: (وما أهلكك؟) قال: وقعت على امرأتي في رمضان.

قال: (هل تجد ما تعتق رقبة؟) قال: لا. قال: (فهل تستطيع أن تصوم شهريين متتابعين؟) قال: لا. قال: (فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟) قال: لا.

قال: ثم جلس. فأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرق فيه تمر. فقال: (تصدق بهذا) قال: أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا. فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه. ثم قال: (اذهب فأطعمه أهلك)[مسلم]

فوائد من حديث كفارة الصيام

اشتمل هذا الحديث على الكثير من الفوائد منها:

1 – وجوب سؤال الإنسان عن حكم ما يفعله مما يكون مخالفا للشريعة الإسلامية.

2 – إذا أفسد الصائم صيامه بالجماع وجب عليه الكفارة.

3 – كفارة الجماع في نهار رمضان مرتبة، قيبدأ بعتق رقبة أي يحرر عبدا أو أمة، فإن لم يكن هناك عبيد ولا إماء يصوم شهرين متتابعين، فإن يستطع الصيام أطعم ستين مسكينا.

4 – من ادعى عذرا يسقط عنه شيئا مما وجب عليه يقبل عذره.

5 – يؤخذ من وقل النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل: (أطعمه أهلك) أن هذا خاص بهذا الرجل حيث أسقط الكفارة عنه.

وقيل: إن الرجل أطعمه لأهله لفقرهم لكن لم تسقط عنه الكفارة، وعليه أداؤها إذا تيسر له الأداء.

6 – وجوب قضاء اليوم الذي أفسده.

النهي عن قول الزور

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)[البخاري]

هذا الحديث ليس معناه أن من قال الزور وعمل به يكون مفطرا، وإنما هو تحذير له لئلا ينقص أجر صيامه.

لأنه إذا صام اكتسب الحسنات، وإذا شهد الزور اكتسب الكثير من السيئات، فيكون حاله كحال من يكتسب الحسنات بيمينه ويضيعها بشماله، فقول الزور من محبطات أجر الصائم، وهذا فيه تغليظ شديد، ووعيد كبير.

النهي عن صوم يوم الفطر والأضحى

عن أبي عبيد مولى ابن أزهر أنه قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فجاء فصلى ثم انصرف فخطب الناس فقال:

(إن هذين يومان نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم)[مسلم]

قال ابن عبد البر: فلا خلاف بين العلماء في صحة هذا الحديث واستعماله، وكلهم مجمع على أن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى لا يجوز بوجه من الوجوه، لا للمتطوع، ولا لناذر صومه، ولا أن يقضي فيهما رمضان؛ لأن ذلك معصية.

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة