الترفيه عن النفس بمشاهدة وسماع اللهو المباح ليس فيه ما يتعارض مع الإسلام، وإنما أحيانا يكون أنشط للإنسان على العبادة والطاعة، وهذا ما كان يفعله رسول الله -صلى الله عليه سلم- مع زوجاته.
مشاهدة اللهو المباح
عن عاشة -رضي الله عنه- قالت: (رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد، حتى أكون أنا الذي أسأم، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو)[البخاري]
يؤخذ من هذا الحديث أنه يجوز للمرأة النظر إلى اللهو واللعب، لا سيما إذا كانت حديثة السن، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعذر عائشة -ري الله عنها- لحداثة سنها.
سماع الغناء المباح
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي جاريتان، تغنيان بغناء بعاث:
فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهزني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأقبل عليه رسول الله -عليه السلام- فقال: (دعهما). فلما غفل غمزتهما فخرجتا.
وكان يوم عيد، يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- وإما قال: (تشتهين تنظرين).
فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: (دونكم يا بني أرفدة). حتى إذا مللت، قال: (حسبك). قلت: نعم، قال: (فاذهبي)[البخاري]
قال ابن بطال في شرح البخاري: حمل السلاح والحراب يوم العيد لا مدخل له عند العلماء فى سنة العيد، ولا فى هيئة الخروج إليه، ولا استحبه أحد من العلماء، ولا ندب إليه،
ويمكن أن يكون عليه السلام محاربًا خائفًا من بعض أعدائه، فرأى الاستعداد والتأهب بالسلاح، وإذا كان كذلك فهو جائز عند العلماء،
ولعب الحبشة ليس فيه أن الرسول خرج بها فى العيد، ولا أمر أصحابه بالتأهب بها، ولم تكن الحبشة للنبى -عليه السلام- حشدًا ولا أنصارًا، وإنما هم قوم يلعبون.
وفائدة هذا الحديث: إباحة النظر إلى اللهو إذا كان فيه تدريب الجوارح على تقليب السلاح لتخف الأيدى بها فى الحرب.
وفيه: ما كان النبى -عليه السلام- عليه من الخلق الحسن وما ينبغى للمرء أن يمتثله مع أهله من إيثاره مسارهم فيما لا حرج عليهم فيه.
ممازحته لزوجته
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك، أو خيبر وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب،
فقال: (ما هذا يا عائشة؟) قالت: بناتي، ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع، فقال: (ما هذا الذي أرى وسطهن؟) قالت: فرس،
قال: (وما هذا الذي عليه؟) قالت: جناحان، قال: (فرس له جناحان؟) قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه.[أبو داود]
وهذا الحديث فيه جواز اللعب بالألعاب المصورة فقد أجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعائشة.
وهناك من قال إن عائشة وقتها لم تكن بالغا، والصواب أنها كانت قد تجاوزت حد البلوغ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج عائشة وهي ابنة تسع سنين بالمدينة أول قدومه، وغزوة تبوك كانت سنة ثمان وخيبر كانت سنة سبع من الهجرة.
مسابقة النبي زوجته
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس: (تقدموا) فتقدموا، ثم قال لي: (تعالي حتى أسابقك) فسابقته فسبقته، فسكت عني،
حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت، خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: (تقدموا) فتقدموا، ثم قال: (تعالي حتى أسابقك) فسابقته، فسبقني، فجعل يضحك، وهو يقول: (هذه بتلك)[أحمد]
مسامرة الزوجة أثناء السفر
عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث.
فقالت حفصة: ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك، تنظرين وأنظر؟ فقالت: بلى، فركبت، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جمل عائشة وعليه حفصة، فسلم عليها، ثم سار حتى نزلوا،
وافتقدته عائشة، فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر وتقول: يا رب سلط علي عقربا أو حية تلدغني، ولا أستطيع أن أقول له شئيا)[البخاري]
استماع النبي لملاطفة زوجاته
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت يا رسول الله، أرأيت لو نزلت واديا وفيه شجرة قد أكل منها، ووجدت شجرا لم يؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟
قال: (في التي لم يرتع منها). تعني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يتزوج بكرا غيرها.[البخاري]
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: رجع إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم من جنازة بالبقيع، وأنا أجد صداعا في رأسي، وأنا أقول: وارأساه.
قال: بل أنا وارأساه ثم قال: (ما ضرك لو مت قبلي، فغسلتك وكفنتك، ثم صليت عليك، ودفنتك؟)
قلت: لكني أو لكأني بك، والله لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك، قالت: فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم بدئ في وجعه الذي مات فيه)[أحمد]