حسن معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالرغم من كثرة مشاغله، وكثرة مسئولياته، إلا أنه كان لا ينسى حق زوجاته في حسن صحبته لهن، وإكرامهن، والرفق بهن.
تدليل النبي لعائشة
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا نادى عائشة يرخم اسمها فيقول: يا عائش.
والترخيم معناه خذف الحرف الأخير من الاسم، ولا يكون إلا في النداء، ويؤتى بالترخيم من أجل التحسين، لهذا لا يكون إلا في مقام الرقة واللين، أو التعظيم أحيانا.
ويجوز في الحرف الأخير من عائش فتح الشين أو ضمها.
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما: (يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام).
فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى. تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم.[البخاري]
وهذا الحديث صريح في بيان فضل عائشة -رضي الله عنها-.
مداعبة الزوجة
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أحيانا يداعب عائشة فيناديها بالحميراء، وهو تصغير لكلمة الحمراء، وهي البيضاء، والأحمر شديد البياض.
فالعرب يعبرون عن الأبيض بالأحمر، كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (بعثت إلى الأحمر والأسود)، والأحمر العجم، والأسود العرب.
عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: دخل الحبشة المسجد يلعبون فقال لي: يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم فقلت: نعم، فقام بالباب وجئته فوضعت ذقني على عاتقه فأسندت وجهي إلى خده.
قالت: ومن قولهم يومئذ أبا القاسم طيبا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (حسبك) فقلت: يا رسول الله لا تعجل، فقام لي ثم قال: (حسبك)
فقلت: (لا تعجل يا رسول الله) قالت: (وما لي حب النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه)[النسائي الكبرى]
قال ابن حجر: إسنادة صحيح ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إِلَّا في هذا.
السير مع الزوجات ليلا
كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا زارته إحدى زوجاته وهو في معتكفه في المسجد ليلا يخرج معها ليشيعها لبيتها.
عن علي بن الحسين أن صفية بنت حيي زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته: أنها جاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوره، وهو معتكف في المسجد، في العشر الغوابر من رمضان،
فتحدثت عنده ساعة من العشاء، ثم قامت تنقلب،
فقام معها النبي -صلى الله عليه وسلم- يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد، الذي عند مسكن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بهما رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم نفذا،
فقال لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي). قالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما ما قال،
قال: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما)[البخاري]
الوصية بحسن الصحبة للزوجات
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حسن الصحبة لزوجاته، وكان دائما ما يوصي الرجال بإحسان الصحبة للزوجات ويبين أن خير الرجال هم الذين يحسنون لزوجاتهم.
عن عائشة -رضي اله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خيركم خيركم لأهله) وأنا خيركم لأهلي.[الترمذي]
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخيركم خيركم لنسائهم)[الترمذي]
إحسان النبي لأهل بيته
كان من خلق النبي -صلى الله عليه وسلم- الإحسان لنسائه وأهل بيته والرفق بهم.
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل)[مسلم]
النهي عن ضرب النساء
بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن خير الرجال هم الذين لا يضربون نساءهم.
عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تضربوا إماء الله)
فجاء عمر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ذئر النساء على أزواجهن، فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساء كثير يشكون أزواجهن،
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم)[أبو داود]
الوصية بالنساء
كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الحث على الرفق بالنساء، من أجل ذلك أوصى الرجال بالنساء.
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء)[البخاري]
ولأهمية الوصية بالنساء لم ينس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينبه على حقوقهن في خطبته في حجة الوداع في ذلك الموقف الحافل، وقد اجتمع الناس حوله من كل حدب وصوب، فقال:
(فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك، فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف)]مسلم]