شهر رمضان هو الشهر الذي أوجب الله على المسلمين صيامه، فقال الله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وجعل الله فيه الكثير من الفضائل منها:
فتح أبواب الجنة وتقييد الشياطين
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين)[البخاري]
في هذا الحديث بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان، ومن العلماء من فسر الفتح على حقيقته، ومنهم من قال هو كناية عن كثرة الطاعات التي بها تفتح أبواب الجنة.
وسلسلت الشياطين أي منعت من الوصول لهدفها من إفساد المسلمين كما كانت تفعل في غير رمضان.
فضيلة صيام رمضان
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم.
والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه)[البخاري]
فكل عمل من الأعمال التي يقوم بها ابن آدم قد يدخلها حظ النفس، إلا الصيام فإنه سر بين العبد وربه، فإذا أراد أن يكتمه تمكن من ذلك.
والصيام وقاية لصاحبه من النار، فكأنه يجعل بينه وبين النار ساترا يستره منها.
ثم أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلم إذا كان صائما أن يتمكن من السيطرة على نفسه، فلا يسب ولا يصيح ولا يخاصم.
فإذا سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم، أي يُذكّر نفسه بأنه صائم وأنه ينبغي ألا يجعل مع من يجهل.
ثم أقسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن رائحة فم الصائم المتغير من أثر الصيام أطيب عند الله من ريح المسك.
وللصائم فرحتان أولاهما: إذا أفطر فرح بزوال جوعه وعطشه حيث أباح الله له الفطر، وإذا لقي ربه فرح بقبول صومه ونال الأجر الوافر عليه.
ومن فضائل صيام شهر رمضان أن الله يغفر للصائم ما تقدم من ذنبه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه)[البخاري]
فضل الجود وقراءة القرآن في رمضان
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل،
وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود بالخير من الريح المرسلة)[البخاري]
في هذا الحديث بين عبد الله بن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أسخى الناس وأكثرهم عطاء في شهر رمضان.
وكان أكثر الناس كرما حين يلقاه جبريل -عليه السلام- فيدارسه أي يتعهد معه قراءة القرآن في رمضان حتى لا ينسى، فرسول الله كان أكثر عطاء من الريح المطلقه التي يدوم هبوبها ويعم نفعها.
فضل القيام في رمضان
قيام الليل في رمضان سنة، ويسمى هذا القيام بصلاة التراويح؛ لأنهم كانوا يستريحون بين كل أربع ركعات.
وقد صلاها الصحابة في جماعة بإمام واحد، وتلقته الأمة عنهم بالقبول، قال الشيخ تقي الدين رحمه الله:
له أن يُصلِّي عشرين، كما هو المشهورُ في مذهب أحمد، والشافعي؛ وله أن يصلي ستًا وثلاثين، كما هو مذهب مالك؛ وله أن يصلي إحدى عشرة، وثلاث عشرة وكلٌّ حسنٌ، فيكون تكثيرُ الركعات، أو تقليلُها، بحسب طول القيام وقصره.
وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، لكن رسول الله كان يطيل في صلاته حتى تتفطر قدماه من طول القيام.
فربما قرأ البقرة وآل عمران والنساء في الركعة الواحدة، لذلك حضنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على القيام دون تحديد عدد فقال: (من قام رمضان، إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه)[البخاري]
فضل العشر الأواخر من رمضان
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعد للعبادة والاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان أكثر من غيرها من الأيام.
فكان يعتزل نساءه ويترك الجماع، ويوقظ أهله للعبادة ويحثهن عليها، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله)[البخاري]
وقالت عائشة -رضي الله عنها-: (وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمر وشد المئزر -أو شد الإزار- وشمر)[أحمد]
ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان
هذه الأيام العشر الأواخر من رمضان هي التي يكون فيها ليلة القدر، في ليلة وترية منها، فعن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تحروا ليلة القدر في الوتر، من العشر الأواخر من رمضان)[البخاري]
ومن أراد الاحتياط قام العشر الأواخر كلهم، فعن عائشة قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)[البخاري]
الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان)[البخاري]
وعن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده)[البخاري]
فضل ليلة القدر من شهر رمضان
بين الله تعالى فضل قيام ليلة القدر على غيرها من ليالي العام بأنها ليلة خير عند الله من ألف شهر، أي ما يزيد على ثمانين عاما.
فقال الله: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ )
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه)[البخاري]
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: (قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)[الترمذي]
للاطلاع على المزيد: