موضوعات اسلامية

حفظ الأمانة وترك الخيانة من الإسلام

أمر الله عباده بأداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بالعدل بين الناس فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً).

حقوق الله وحقوق العباد

من الأمانات التي أوجب الله علينا أدءها وحفظها منها ما يتعلق بحقوق الله: كالصلاة والزكاة والصيام والحج، وغيرها من الفرائض التي فرضها الله علينا، وهي الأمانة التي حملنا الله إياها.

قال الله: (إِنَّا ‌عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا).

ومن الأمانات الواجبة التي يجب على الإنسان حفظها مما يتعلق بحقوق العباد بعضهم على بعض: كحفظ الودائع والأمانات وغير ذلك مما يأتمن الإنسان أخاه عليه.

فمن خان الأمانة في الدنيا دفعها من حسناته في الآخرة، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).

قال ابن كثير: “والخيانة تعمُّ الذنوب الصغار والكبار اللازمة والمتعدِّية”.

وأكد النبي -صلى الله عليه وسلم- على ما أمرنا الله به في كتابه فقال: (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ‌ولا ‌تخن ‌من ‌خانك)[أحمد]

حفظ الأمانات من صفات المؤمنين

مدح الله عباده المؤمنين الذين يحفظون الأمانات فلا يخونوا، ويحفظون العهود فلا يغدروا بها، فذكر الله من صفات المؤمنين قوله: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ ‌وَعَهْدِهِمْ ‌رَاعُونَ).

أما المنافق فهو على عكس ذلك يخون الأمانة، ويغدر فلا يوفي بعهده، عن عبد الله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا ‌عاهد ‌غدر، وإذا خاصم فجر)[البخاري]

ضياع الأمانة من علامات الساعة

بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ضياع الأمانة علامة على فساد الزمان وقرب قيام الساعة، ومن ضياع الأمانة أن يكون تولي أمور الناس ليس مبنيا على الكفاءة والأمانة، وإنما يكون بهوى النفس والمحسبوبيات.

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بينما النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في مجلس يُحدِّث القوم، جاءه أعرابيٌّ فقال: متى الساعة؟

فمضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُحدِّث، فقال بعضُ القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضُهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه.

قال: (أين أراه السائل عن الساعة؟) قال: ها أنا يا رسول الله، قال: (فإذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة) قال: كيف إضاعتُها؟ قال: (إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة)[البخاري]

حفظ الأمانات من صفات الأنبياء

من الواجب على النبي الذي يرسله الله لقومه أن يكون أمينا معهم، حريصا على ما يجلب الخير لهم ويدفع الشر عنهم.

لقد كان من الصفات التي وصف بها أبو سفيان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء كفره وهو عند النجاشي أنه يفي بالعهود ويؤدي الأمانات.

عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: أخبرني أبو سفيان: أن هرقل قال له: سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت: أنه أمركم بالصلاة، والصدق، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء ‌الأمانة، قال: وهذه صفة نبي)[البخاري]

المشركون يحفظون ودائعهم عند رسول الله

لقد كان المشركون أشد الناس حرصا على إنزال الأذى بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، ويتمنون القضاء عليه، ولكنهم مع ذلك كانوا إذا أرادوا أن يحفظوا ودائعهم ويأمنوا عليها يضعوها عند النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ولا عجب في ذلك فهو الذي اشتهر بينهم بالصادق الأمين، لذلك لما أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرار الهجرة من مكة إلى المدينة، وكان أهل مكة من المشركين لهم ودائع عنده، اتخذ التدابير اللازمة لكي يأخذ أهل مكة ودائعهم التي أودعوها عنده، فترك علي بن أبي طالب ابن عمه في مكة من أجل أن يقوم برد الودائع لأصحابها.

أداء الدين مقدم على الوصية

إذا مات الإنسان وكان عليه دين لأحد من الناس، وأوصى أهله بوصية من ماله بأن يتصدقوا لفلا ولفلان من الناس، فإن الواجب على أهل الميت أن يقوموا أولا بسداد الدين الذي عليه؛ لأن أداء الأمانة أحق من التطوع بالصدقة.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا صدقة إلا عن ظهر غنى)[البخاري]

وأما ما ورد في قول الله تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين)، فقد يوهم ظاهر الآية أن أداء الوصية يمكن أن يكون قبل أداء الدين، لكن فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يوضح الأمر فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى بالدين قبل الوصية.

الإنسان مفطور على حفظ الأمانة

بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الإنسان فطره الله على حفظ الأمانة، ثم زاده القرآن والسنة حرصا على حفظ الأمانة، فإذا خان الإنسان الأمانة انتكست هذه الفطرة.

عن حذيفة قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا: (أن ‌الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة).

وحدثنا عن رفعها قال: (ينام الرجل النومة فتقبض ‌الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى فيها أثرها مثل أثر المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط،

فتراه منتبرا وليس فيه شيء، ويصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحد يؤدي ‌الأمانة، فيقال:

إن في بني فلان رجلا أمينا، ويقال للرجل: ما أعقله وما أظرفه وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان)

ولقد أتى علي زمان، ولا أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلما رده علي الإسلام، وإن كان نصرانيا رده علي ساعيه، وأما اليوم: فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا)[البخاري]

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة