كان لأبي لهب أربعة من الأبناء وهم: عتبة ومعتب وعتيبة ودرة أسلموا جميعا، وحسن إسلامهم إلا عتيبة بن أبي لهب، فإنه مات كافرا.
عتبة ومعتب ابنا أبي لهب
عتبة بن أبي لهب واسم أبي لهب عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، واسم أمهما أم جميل ابنة حرب بن أمية.
وكانت رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مخطوبة لعتبة بن أبي لهب، فلما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان أبو لهب ألد الأعداء له أمر أبو لهب ولده عتبه بأن يفارق ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ففارقها، فتزوجت بعد ذلك عثمان بن عفان.
وأسلم عتبة هو وأخوه معتب يوم فتح مكة، فبعث العباس إليهما فأتيا فأسلما، فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- بإسلامهما، ودعا لهما.
وشهدا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- غزوة حنين وكانا ممن ثبتا ولم ينهزما، وشهدا غزوة الطائف، وفقئت عين معتب يوم حنين، ولم يخرجا عن مكة ولم يأتيا المدينة، ولهما ذرية وعقب عند أهل النسب.
عتيبة بن أبي لهب
هو الوحيد من بين أبناء أبي جهل الذي مات كافرا، وكانت أم كلثوم بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- مخطوبة عتيبة بن أبي لهب.
فلما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة استجاب لطلب أبيه بفراق ابنة رسول الله ففارقها، فتزوجت فيما بعد عثمان بن عفان بعد موت زوجته رقية ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
عن هبار بن الأسود، قال: كان أبو لهب وابنه عتيبة قد تجهزا إلي الشام، وتجهزت معه، فقال ابنه عتيبة:
لأنطلقنّ إليه، ولأوذينه في ربه، فانطلق حتى أتى النبي -صلّى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا محمد هو يكفر بالذي دَنا فَتَدَلَّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى.
فقال رسول اللَّه -صلّى اللَّه عليه وسلم-: اللَّهمّ ابعث عليه كلبا من كلابك.
ثم انصرف عنه، فرجع إليه، فقال: أي بني! ما قلت له؟ قال: كفرت بإلهه الّذي يعبد، قال: فماذا قال لك؟ قال: قال: اللَّهمّ ابعث عليه كلبا من كلابك.
قال: أي بني! واللَّه ما آمن عليك دعوة محمد، قال: فسرنا حتى نزلنا الشراة -وهي مأسدة- فنزلنا إلى صومعة راهب فقال: يا معشر العرب! ما أنزلكم هذه البلاد وإنها مسرح الضيغم؟
فقال لنا أبو لهب: إنكم قد عرفتم سني وحقي؟ قلنا: أجل، فقال: إن محمدا قد دعا على ابني دعوة، واللَّه لا آمنها عليه، فاجمعوا متاعكم إلي هذه الصومعة، ثم افترشوا لابني عتيبة عليه، ثم افترشوا حوله.
قال: ففعلنا، جمعنا المتاع حتى ارتفع، ثم فرشنا له عليه، وفرشنا حوله فبتنا نحن حوله، وأبو لهب معنا أسفل، وبات هو فوق المتاع.
فجاء الأسد فشم وجوهنا، فلما لم يجد ما يريد، تقبض ثم وثب، فإذا هو فوق المتاع، فشم وجهه، ثم هزمه هزمة فنضخ رأسه.
فقال: سبعي يا كلب لم يقدر على غيرك، ووثبنا، فانطلق الأسد، وقد نضخ رأسه، فقال أبو لهب: قد عرفت واللَّه ما كان لينفلت من دعوة محمد -صلّى اللَّه عليه وسلم-
درة بنت أبي لهب
درة بنت أبي لهب بن عبد المطلب، بنت عم النبي -صلى الله عليه وسلم- هاجرت إلى المدينة.
كانت زوجة للحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، فولدت له عتبة ووليدا وأبا مسلم، وقتل زوجها يوم بدر كافرا فخلف عليها دحية بن خليفة الكلبي.
وقد ورد ذكرها باسم سبيعة بنت أبي لهب، وقال ابن حجر: يحتمل أن يكون لها اسمان أو أحدهما لقب…
وأخرج الدّار الدّارقطنيّ في كتاب الإخوة، عن علي بن أبي طالب، عن درّة بنت أبي لهب، قالت: قال النبيّ -صلّى اللَّه عليه وسلّم-: (لا يؤذى حيّ بميّت).
وفي رواية ابن مندة، من طريق سماك بن حرب، عن زوج درة بنت أبي لهب، قال: قام رجل، فقال: يا رسول اللَّه، أيّ الناس خير؟ قال: (خير الناس أقرأهم وأتقاهم، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر، وأوصلهم للرّحم … )
وذكر البلاذريّ أنّ زيد بن حارثة تزوّجها، ولعل ذلك قبل أن يتزوّجها الحارث بن نوفل. وقيل: تزوجها دحية الكلبي.
وروي من طريق ضعيف عن أبي هريرة وعن عمار بن ياسر، قالوا: قدمت درّة بنت أبي لهب المدينة مهاجرة، فنزلت في دار رافع بن المعلى، فقال لها نسوة من بني زريق:
أنت ابنة أبي لهب الّذي يقول اللَّه له: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ، فما تغني عنك هجرتك؟ فأتت درة النبيّ -صلّى اللَّه عليه وسلّم- فذكرت ذلك له، فقال:
(اجلسي) ثم صلّى بالناس الظهر. وجلس على المنبر ساعة، ثم قال: (أيّها النّاس، ما لي أوذى في أهلي؟ فو اللَّه إنّ شفاعتي لتنال قرابتي حتّى أنّ صداء، وحكما، وسلهبا لتنالها يوم القيامة)
يمكنك الاطلاع على المزيد: