ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أن من خصال الإيمان ألا يتكلم الإنسان إلا بخير، فإن لم يكن عنده من الخير ما يقول فليسكت، وألا يؤذ جاره، وأن يكرم المسلم ضيفه.
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)[البخاري]
كف الأذى عن الناس
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)
من خصال الإيمان التي تتعلق بحقوق العباد أن يكف الإنسان أذاه عن الناس، بأن يملك لسانه فإن لم يستطع أن يتكلم بخير فليصمت.
فاستقامة اللسان دليل على استقامة الإيمان، فهنا أمرنا رسول الله بقول الخير أو الصمت؛ لأنه ما من كلمة ينطق بها اللسان إلا وتكتب على صاحبها ويسأله الله عنها.
قال الله: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). فهناك ملكان أحدهما عن اليمين يكتب الحسنات والآخر عن الشمال يكتب السيئات.
فالكلمة التي ينطق بها اللسان لها خطورتها، فبالكلمة يكون الإنسان مؤمنا وبها يكون كافرا، وبالكلمة يرتفع الإنسان عند الله درجات وبها يهبط دركات.
عن أبي هريرة -رضي اله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالا، يرفع الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالا، يهوي بها في جهنم)[البخاري]
فالإنسان يحتاج لمجاهدة نفسه بأن يتكلم بالخير أو يسكت عن الشر، قال الفضيل بن عياض: “ما حج ولا رباط ولا جهاد أشد من حبس اللسان، ولو أصبحت يهمك لسانك، أصبحت في غم شديد”.
الإحسان إلى الجار
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره)
وضح النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من خصال الإيمان كف الأذى عن الجار، لأن إيذاء الجار من المحرمات.
فالأذى محرم لكل الناس لكنه في حق الجار أشد حرمة، وكذلك الزنى حرام وقد وضع الله له العقوبة الرادعة لكنه في حق زوجة الجار أشد حرمة عند الله وهو من عظائم الذنوب.
فقد روى البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: (أن تجعل لله ندا وهو خلقك).
قلت: إن ذلك لعظيم، قلت: ثم أي؟ قال: (وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك). قلت: ثم أي؟ قال: (أن تزاني حليلة جارك).
وحكم النبي -صلى الله عليه وسلم- حكما شديدا على الذي يؤذي جاره بنفي كمال الإيمان عنه، فعن أبي شريح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن). قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: (الذي لا يأمن جاره بوائقه)[البخاري] والبوائق هي الظلم والشرور والآثام
وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الذي يصل أذاه لجاره يحرم من دخول الجنة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه)[مسلم]
الجيران ثلاثة
الجيران ثلاثة أنواع: جار له حق واحد وهو الجار المشرك له حق الجوار، وجار له حقان وهو الجار المسلم له حق الجوار وحق الإسلام، وجار له ثلاثة حقوق وهو الجار المسلم الذي له قرابة فله حق الجوار وحق الإسلام وحق القرابة.
قال الله: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا).
فالجار له حق عظيم على جاره لدرجة أن جبريل كرر الوصية به، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أنه سيورثه)[البخاري]
مواساة الجار
من الإيمان مواساة الجار لجاره، بأن يفرح لفرحه ويتألم لألمه، ويقف معه إذا احتاج إليه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ، وجارُه جَائِعٌ)[الأدب المفرد]
حكم الإحسان للجار
الإحسان للجار ليس من سنن الإسلام ولا من مستحباته وإنما هو من الواجبات، فمن فعل السنن وترك الواجبات يكون كمن صلى سنة العصر ولم يصل الفريضة فلا تنفعه السنة في شيء؛ لأنه ترك الفريضة.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها، وصيامها، وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها.
قال: (هي في النار) قال: يا رسول الله، فإن فلانة يذكر من قلة صيامها، وصدقتها، وصلاتها، وإنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: (هي في الجنة)[أحمد]
إكرام الضيف
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)
من خصال الإيمان التي أمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- إكرام الضيف، بإحسان ضيافته، والضيافة ثلاثة أيام، وجائزته زيادة يوم وليلة.
عن أبي شريح العدوي قال: سمعت أذناي، وأبصرت عيناي، حين تكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته).
قال: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: (يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)[البخاري]