عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)البخاري
لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
المراد بنفي الإيمان هنا هو نفي كمال الإيمان وليس نفي أصل الإيمان، حتى يحب الإنسان لأخيه من الخير ما يحبه لنفسه، ويكف أذاه عن الناس.
وهذا يدل على أن من جملة خصال الإيمان الواجبة أن يحب المرء المؤمن لأخيه ما يحبه لنفسه ويكره له ما يكرهه لنفسه.
عن عبد الله القسري، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لجده يزيد بن أسد: (أحب للناس ما تحب لنفسك)[أحمد].
وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الخصلة يترتب عليها دخول الجنة، فعن عبد الله القسري عن أبي أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أتحب الجنة؟)، قال: قلت: نعم، قال: (فأحب لأخيك ما تحب لنفسك)[أحمد]
وعبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (…فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الي يحب أن يؤتى إليه..)[مسلم]
غش المؤمنين وخديعتهم
يستدل بهذا الحديث على حرمة غش المؤمنين وخديعتهم؛ فإذا كان الإنسان يكره أن يتعرض للغش والخديعة من الناس فكذلك يجب عليه أن يمنع نفسه عن غشهم وخديعتهم.
قال ابن المنذر: فكتمان العيوب فى السلع حرام، ومن فعل ذلك فهو متوعد بمحق بركة بيعه فى الدنيا والعذاب الأليم فى الآخرة.
عن حكيم بن حزام -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو قال: حتى يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)[البخاري]
المؤمنون كالنفس الواحدة
يستفاد من هذا الحديث أن المؤمنين ينبغي أن يكونوا كالنفس الواحدة، فيتألم الجميع لألم الواحد منهم كتألم الجسد لأدني عضو فيه.
عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)[مسلم]
وهذا معناه أن المؤمن يسوؤه ما يسوء أخاه، ويفرحه ما يفرح أخاه، وهذا يدل على سلامة الصدر من الغل والغش والحقد والحسد.
فإن الحسد معناه أن الحاسد يكره أن يفوقه أحد أو يساويه؛ لأنه يريد لنفسه العلو وأن يكون الجميع دونه.
لكن المؤمن الحق هو الذي لا يحرص على أمر الدنيا أكثر من حرصه على أمر الآخرة بأن يريد العلو فيها والفساد من أجل الوصول للرياسة.
قال الله: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا)
ذم الكبر
الكبر من الصفات التي يذم بها المؤمن، وتدل على رغبته في التفرد بالعلو على غيره من الناس، وعدم محبته لأخيه من الخير مثل ما له.
فالمتكبر يحتقر الناس ويتعالى على الحق بإنكاره وعدم الانصياع له، عن عبد الله بن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس)[مسلم]
إسناد المهام لأهلها
من محبة المسلم لأخيه المسلم ألا يكلفه من الأعمال ما يفوق طاقته، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أبي ذر -رضي الله عنه- حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- له: (يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم)[مسلم]
فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحب لأبي ذر ألا يتولى شيئا من أمور الناس لما رأى فيه من الضعف، لكنه صلى الله عليه وسلم تولى أمور الناس لأن الله أعطاه القوة على ذلك.
وكان محمد بن واسع يبيع حمارا له، فقال له رجل: أترضاه لي؟ قال: لو رضيته لم أبعه. وتلك إشارة منه إلى أنه يرضى لأخيه ما يرضاه لنفسه وهو من باب النصح للمسلم.
قال بعض الصالحين من السلف: “أهل المحبة لله نظروا بنور الله، وعطفوا على أهل معاصي الله، مقتوا أعمالهم، وعطفوا عليهم ليزيلوهم بالمواعظ عن فعالهم، وأشفقوا على أبدانهم من النار،
ولا يكون المؤمن مؤمنا حقا حتى يرضى للناس ما يرضاه لنفسه، وإن رأى في غيره فضيلة فاق بها عليه فتمنى لنفسه مثلها،
فإن كانت تلك الفضيلة دينية، كان حسنا، وقد تمنى النبي -صلى الله عليه وسلم- لنفسه منزلة الشهادة. جامع العلوم والحكم
أيحب المسلم لأخيه أن يكون مثله؟
إذا كان الإنسان لا يرضى عن نفسه فهل يجوز له أن يحب لأخيه أن يكون مثله؟ وهل يكون بذلك كامل الإيمان؟
إذا كان الإنسان كذلك ينبغي عليه أن يحب لأخيه أن يكون خيرا منه وينبغي عليه أن يتمنى لنفسه أن يكون خيرا مما هو عليه.
للاطلاع على المزيد: