عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد)[البخاري]
من عمل عملا ليس عليه أمرنا
روى الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)
فضيلة حديث من أحدث في أمرنا
هذا الحديث هو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وقيل: هو نصف الإسلام أو ثلثه؛ لكثرة ما يشتمل عليه من الأحكام، وبه قاعدة جليلة من قواعد الشريعة تنص على أن كل البدع والمخترعات التي على خلاف ما شرع الله ورسوله مردودة على صاحبها.
شرح حديث من أحدث في أمرنا
كل ما أحدث من المبتدعات المخترعات على خلاف ما شرعه الله ورسوله فهو باطل مردود على صاحبه، والحديث يستدل به على وجوب التمسك بالكتاب وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنها موضحة وشارحة للكتاب.
وهذا تنبيه من النبي -صلى الله عليه وسلم- لنا حتى لا نسلك طرقا شتى تنتهي بنا إلى البعد عما شرعه الله لنا.
قال العرباض بن سارية: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب،
فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا،
فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)[أبو داود]
حكم ما أحدث على خلاف الشرع
بين لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن كل أمر محدث على خلاف ما أمر الله ورسوله به فإنما يكون فاسدا باطلا مردودا على صاحبه.
قال الإمام الخطابي في معالم السنن: “في هذا بيان أن كل شيء نهى عنه -صلى الله عليه وسلم- من عقد نكاح وبيع وغيرهما من العقود فإنه منقوض مردود؛
لأن قوله: (فهو رد) يوجب ظاهره إفساده وإبطاله إلاّ أن يقوم الدليل على أن المراد به غير الظاهر فيترك الكلام عليه لقيام الدليل فيه والله أعلم.
الصلح الجائر مردود
إذا اصطلح الناس على أمر يخالف ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فإن هذا الصلح يكون مردودا عليهم،
ومما يؤكد ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وزيد بن خالد الجهني -رضي الله عنهما- قالا:
جاء أعرابي فقال: يا رسول الله، اقض بيننا بكتاب الله، فقام خصمه فقال: صدق، اقض بيننا بكتاب الله،
فقال الأعرابي: إن ابني كان عسيفا على هذا، فزنى بامرأته، فقالوا لي: على ابنك الرجم، ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة،
ثم سألت أهل العلم فقالوا: إنما على ابنك جلد مائة وتغريب عام،
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لأقضين بينكما بكتاب الله، أما الوليدة والغنم فرد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام،
وأما أنت يا أنيس -لرجل- فاغد على امرأة هذا فارجمها). فغدا عليها أنيس فرجمها.
ففي هذا الحديث نجد أن رسول الله أبطل الصلح الذي كان بينهما لأنه من باب أكل المال بالباطل وقد نهى الله عنه فقال: (ولا تأكلو أموالكم بينكم بالباطل).
ورد على الأعرابي ماله وقضى بينهما بكتاب الله؛ لأن حدود الله لا تسقط ولا تباع ولا تشترى.
وروى ابن ماجه في سننه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا حرم حلالا، أو أحل حراما).
العبادة بغير ما أمر الله به
العبادات إذا كانت خارجة عما حده الله ورسوله فهي عبادة باطلة مردودة على صاحبها ولا تعتبر من القربات في شيء، كهؤلاء المشركين الذين كانت صلاتهم عند البيت مكاء وتصدية فما قبلت منهم.
وكمن نذر القيام في الشمس أثناء خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- إعظاما لسماع كلام النبي فلم يعتبر رسول الله ذلك قربة، وأمره أن يجلس وأن يستظل،
مع أن القيام عبادة في مواضع أخر كالقيام في الصلاة، لكنه قيام أمر به الشرع، ولم يأمر الشرع بالقيام في الشمس، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال:
بينا النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مره فليتكلم وليستظل وليقعد، وليتم صومه)[البخاري]
النهي يقتضي الفساد
استدل الأصوليون بهذا الحديث على أن النهي يقتضي فساد الأمر، فإذا كان هناك نهى صادر بحق أمر من الأمور ثم فعل المسلم هذا المنهي عنه فإن الحديث يدل على فساد هذا الأمر.
للاطلاع على المزيد: