حديث نبوي

تابع أركان الإيمان وأركان الإسلام وتعريف الإحسان

ما زلنا نتابع شرح حديث جبريل عندما تمثل في صورة بشر، وجاء للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس بين أصحابه فسأله عن الإيمان والإسلام والإحسان وعن أمارات الساعة، وقد تقدم الكلام على معنى الإيمان.

ما هو الإسلام

قال: ما ‌الإسلام؟ قال: (‌الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان).
في جواب النبي -صلى الله عليه وسلم- هنا على معنى الإسلام ذكر أظهر شعائر الإسلام ولم يرد ذكر الحج هنا، إما لأنه لم يكن قد فرض عند قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذا الحديث أو أنه سقط من رواية بعض الرواة.

فذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- من أمور الإسلام العبادات الظاهرة كالصلاة والصيام والزكاة، وعلى هذا فالإسلام اسم لما ظهر من الأعمال.

أنواع العبادات

وهذه العبادات إما أن تكون بدنية كالصلاة والصيام أو مالية كالزكاة أو مركبة من المالية والبدنية كالحج.

الإسلام يطلق على العمال الظاهرة

وهذا تنبيه على أن جميع أعمال الإسلام الظاهرة داخلة تحت مسمى الإسلام، وما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما هو أصول أعمال الإسلام التي ينبني عليها غيرها.
ومما يدخل على أن الأعمال الظاهرة تدخل تحت مسمى الإسلام قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).
وسأل رجل النبي -صلى الله عليه وسلم- أي الإسلام خير؟ قال: (أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف).

فالأعمال تظهر علانية، والتصديق بالقلب لا يظهر؛ لذلك كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان).
وذلك لأن الإنسان يحتاج للأعمال الظاهرة في الدنيا لأنها محل التكليف، وأما في الآخرة فليس هناك أعمال وإنما يحتاج الإنسان للإيمان بالقلب؛
لقول الله: (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).
فمتى ضعف الإيمان الباطن في القلب، ضعف الإسلام الذي يظهر على الجوارح الظاهرة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن).

ترك المحرمات

وكذلك ترك المحرمات داخل في مسمى الإسلام لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).

ما معنى الإحسان

قال: ما الإحسان؟ قال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
معنى الإحسان كما قاله النبي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعبد الإنسان ربه في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة لله بالقلب،
فكان الجزاء على ذلك رؤية الله في الآخرة، فقال الله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى ‌رَبِّهَا ‌نَاظِرَةٌ).
وهذا على عكس حال الكافرين فإنهم لم يراقبوا الله في الدنيا فحرمهم الله رؤيته في الآخرة فقد قال الله: (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ).

اقتران الإحسان بغيره

والإحسان قد يأتي مقرونا بالإيمان، كقول الله: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
وقد يأتي مقرونا بالإسلام، كقول الله: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى).
وقد يأتي الإحسان مقرونا بالتقوى، كقول الله: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).
وقد يأتي الإحسان منفردا، كقول الله : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ).

متى الساعة

قال: متى الساعة؟ قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل)
معنى الساعة هي مقدار من الزمن غير معين، قال الله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ‌مَا ‌لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ)، والمراد بالساعة هنا هو يوم القيامة.
وجواب النبي -صلى الله عليه وسلم- : ما المسئول عنها بأعلم من السائل. فيه من الأدب أن المفتي أو العالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم.

إذا ولدت الأمة ربها

(وسأخبرك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربها) 
وسأخبرك عن علامات الساعة منها: أن تلد الأمة ربها، أو ربها أي مالكها، وهذا إخبار عن كثرة الإماء أو السراري التي يتزوجها الأحرار ثم ينجبون منها
فيكون الأبناء أحرار وتكون الأمهات إماء، فلوكان المولود ولدا يكون سيدا لأمه أو أنثى تكون سيدة لأمها.
أو أن يكون معنى هذا الكلام إخبار عن كثرة الفساد وتغير أحوال الناس فيكثر بيع أمهات الأولاد، لأن أم الولد لا يجوز بيعها.

التطاول في البنيان

(وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان)
أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من أشراط الساعة أن تجد رعاة الإبل وهم أضعف أهل البادية، وهم الرعاة المجهولون الذين لا يعرفون، ستجد هؤلاء يتطاولون في البنيان ويبنون ناطحات السحاب.

الأمور التي استأثر الله بعلمها

(في خمس لا يعلمهن إلا الله).أي في خمس أمور انفرد الله بعلمها فلا يطلع عليها أحد غير الله
ثم تلا النبي -صلى الله عليه وسلم- التي فيها أمور الغيب التي استأثر الله بعلمها:
(‌إِنَّ ‌اللَّهَ ‌عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

جبريل جاء يعلم الناس دينهم

ثم أدبر، فقال: (ردوه): فلم يروا شيئا، فقال: (هذا جبريل، جاء يعلم الناس دينهم)
ثم أدبر الرجل الذي سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الأسئلة فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يردوا عليه هذا الرجل فلم يجدوه،
فأخبرهم رسول الله أن السائل هو جبريل جاء يعلم الناس دينهم، فتشكل في صورة بشر وهذا جائز على الأنبياء كما في قول الله: (َفتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) وقد كان جبريل يتمثل في صورة دحية الكلبي.

للمزيد:

مواضيع ذات صلة