النكاح

الأحكام المتعلقة بالزنى في الإسلام

الزنى هو الفجور، وهو محرم في كل الملل فلم يحل في شريعة من شرائع الأنبياء قط؛ لأنه جناية على الأعراض والأنساب، حيث يترتب عليه هتك للأعراض واختلاط للأنساب.

حكم الزنى

الزنى حرام وهو من كبائر الذنوب ويأتي بعد الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله قتلها،
قال الله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) ففي هذه الآية نهى الله عن فعل أي شيء يقرب من الزنى.

وقال الله: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَاّ بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِل عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّل اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)

تفاوت إثم الزنى

يتفات إثم الزنى بناء على موقع المرأة التي زنى بها الإنسان، فالزنى بواحدة من محارم الإنسان التي حرم الله عليها الزواج بها كالأم والأخت مثلا أعظم إثما من الزنى بالمرأة الأجنبية أي التي يحل له الزواج بها؛
لأنه بذلك اقترف جريمة الزنى وانتهك حرمة المحارم التي حرم الله عليه الزواج بها أصلا.

والزنى بالمرأة ذات الزوج أعظم إثما من الزنى بالمرأة التي لا زوج لها؛ لأنه انتهك حرمة الزوج وأفسد فراشه، واختلط نسب الولد.

وإذا كان الزوج جارا له فإنه يكون بذلك قد أضاع حق الجوار، فإن كان الجار قريبا انضم إلى ذلك قطيعة الرحم فيتضاعف الإثم أضعافا.

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الذنب أعظم عند الله؟
قال: (أن تجعل لله ندا وهو خلقك). قلت: إن ذلك لعظيم، قلت: ثم أي؟ قال: (وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك). قلت: ثم أي؟ قال: (أن تزاني ‌حليلة ‌جارك)[البخاري]

فالزنى بزوجة الجار من أعظم البوائق، وقد أقسم النبي -صلى الله عليه وسلم- على نفي الإيمان عن الإنسان الذي لا يأمن جاره من شروره.
عن أبي شريح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن). قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: (الذي لا يأمن ‌جاره ‌بوائقه)[البخاري]

الفرق بين المحصن وغير المحصن

تعريف المحصن: هو من وطئ زوجته في قبلها بنكاح صحيح وهما حران مكلفان.
تعريف غير المحصن: هو الذي لم يسبق له زواج بنكاح صحيح.

عقوبة الزاني غير المحصن

وضع الله العقوبة الرادعة للزاني في الدنيا حيث أمر بإقامة الحد عليه، فإذا لم يعاقب على جريمته في الدنيا عاقبه الله في الآخرة.
والحد الذي وضعه الله للزاني في الدنيا يختلف بحسب حال المرتكب لتلك الجريمة فإذا كان الزاني غير محصن رجلا كان أو امراة بأن لم يسبق له زواج بنكاح صحيح فإن حده أن يجلد مائة جلدة وأن يشهد هذا العذاب جماعة من المؤمنين.

قال الله: (الزانيةُ والزاني فاجلدوا كلَّ واحد منهما مائة جلدةٍ ولا تأخُذْكم بهما رأفةٌ في دين الله إِن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين).

ويزيد على ذلك أن يغرب عاما عن بلده عند جمهور العلماء، لحديث زيد بن خالد -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنه أمر فيمن زنى ولم يحصن بجلد مائة، ‌وتغريب ‌عام.[البخاري]

عقوبة الزاني المحصن

إذا كان الزاني محصنا رجلا كان أو امرأة فإن حده الرجم حتى الموت كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة من بعده.
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتى رجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد، فناداه فقال: يا رسول الله، ‌إني ‌زنيت، فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات،
فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (أبك جنون). قال: لا، قال: (فهل أحصنت). قال: نعم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اذهبوا به فارجموه)[البخاري] قال ابن قدامة عن حد الرجم: وأجمع عليه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وقال البهوتي: وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رجم بقوله وفعله في أخبار تشبه التواتر.

حكم من استمتع بما دون الفرج

أإذا استمتع الرجل بالمرأة المحرمة عليه بما دون الفرج فلا حد عليه، وإنما يعاقبه الإمام أي الحاكم بما يراه ناسبا له.
عن ‌عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إني ‌عالجت ‌امرأة في أقصى المدينة، وإني أصبت منها ما دون أن أمسها،
فأنا هذا فاقض في ما شئت فقال له عمر: لقد سترك الله لو سترت نفسك قال: فلم يرد النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئا،
فقام الرجل فانطلق فأتبعه النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلا دعاه، وتلا عليه هذه الآية: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين)
فقال رجل من القوم: يا نبي الله هذا له خاصة؟ قال: بل للناس كافة. [مسلم]

بم يثبت حد الزنى

يثبت حد الزنى بعدة أمور إذا توفر شيء منها يقام الحد على الفاعل والمفعول به إذا كان مطاوعا للفاعل منها:

  1.  الاعتراف بجريمة الزنى، فعن زيد بن خالد وأبي هريرة -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (واغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن ‌اعترفت ‌فارجمها)[البخاري]
  2. شهادة أربعة شهود على وقوع هذه الجريمة بأن يرو بأعينهم دخول القضيب في الفرج كدخول المرود في المكحلة.
    ويشترط في هؤلاء الشهود البلوغ والعقل والإسلام، وأن يكونوا عدولا؛ لقول الله: (يا أيها الذين آمنوا إِن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين).
  3. ظهور الحمل بالمرأة إذا لم يكن لها زوج، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان، حتى يقول قائل:
    لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن، إذا قامت البينة، ‌أو ‌كان ‌الحمل، أو الاعتراف.[البخاري]

شروط إقامة حد الزنى

  1. إدخال الحشفة أو قدرها من مقطوعها
    يشترط لإقامة حد الزنى على الرجل أو المراة إدخال الحشفة أو قدرها من مقطوعها، فإن لم يدخلها فلا حد عليه، ولا يشترط الإنزال بل يكفي الإدخال ليقام عليه الحد.
  2. أن يصدر الفعل من مكلف
    يشترط لإقامة الحد أن يكون الزاني بالغ عاقل مختارا، فالمجنون والصبي لا حد عليهما والمره لا حد عليه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
    (‌رفع ‌القلم ‌عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل، أو يفيق)[ابن ماجه]
  3. أن يكون عالما بالتحريم
    فإذا زنى من لم يعرف التحريم لقرب عهده بالإسلام أو بعده عن المسلمين كأن نشأ ببادية بعيدة عن دار الإسلام فلا حد عليه.

المرأة المكرهة على الزنى

إذا أكره الرجل امرأة على الزنى لا يقام عليها الحد وإنما يقام الحد على الرجل فقط، وذلك كمن أكره على الكفر حتى نطق بكلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان لا يكفر بذلك.
لقول الله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ ‌وَقَلْبُهُ ‌مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قد تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، ‌وما ‌استكرهوا عليه)[ابن ماجه]

من يقيم حد الزنى

اتفق الفقهاء على أنه ليس من حق أحد أن يقيم حد الزنى إلا الإمام أو من ينيبه الإمام لإقامة الحد.

مواضيع ذات صلة