قصة البشرية في الصراع بين الحق والباطل

تولد الصراع بين الحق والباطل منذ خلق الإنسان، وقبل أن ينزل آدم على الأرض، وذلك متمثل في الصراع بين آدم -عليه السلام- وإبليس حيث وسوس له وكان سببا في إغوائه وإخراجه من الجنة.

انتصار الحق على الباطل

من سنن الله في كونه أن العاقبة دائما تكون للمتقين إذا صبروا وثبتوا على الحق، وأخذوا بأسباب النصر، قال الله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌اصْبِرُوا ‌وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

وبين الله أنه إذا أنزل العذاب فلا يهلك إلا أهل الضلال، قال الله: (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً ‌هَلْ ‌يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ).

الصراع بين قابيل وهابيل

قابيل وهابيل من أبناء آدم -عليه السلام- وكان قابيل يعمل بالزراعة، وهابيل يرعى الغنم، فقدم كل منهما قربانا لله.

فتقبل الله قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل لسوء نيته وعدم إخلاصه لله، فاغتاظ قابيل من هذا الأمر وهدد أخاه بالقتل.

فما كان من هابيل إلا أنه وعظ أخاه أن يخلص نيته لله، ثم بين له أنه إذا تجرأ على قتل أخيه وهدم رابط النسب الذي بينهما فإنه لن يتجرأ على فعل هذا أبدا.

ثم حذره من سوء عاقبة هذا الذنب لكن قابيل لم يؤثر فيه شيء من موعظته وتذكيره له، فارتكب جريمة قتله لأخيه، وتجرأ على الله وقطع رابط النسب الذي بينهما.

لكن بعد أن قتله لم يعرف ماذا يفعل بجثة أخيه، فعلمه الله من خلال غراب كيف يدفن أخاه عندما رأى غرابا يحفر في الأرض من أجل أن يدفن أخاه

فأصابته الحسرة والندم على فعله ولام نفسه لأنه أقدم على تلك الجريمة وكيف أن هذا الغراب كان أهدى سبيلا منه.

وقد قص القرآن الكريم علينا تلك القصة فقال الله:

(‌وَاتْلُ ‌عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ

لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ

إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ

فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)

الصراع بين الأنبياء وأهل الكفر

ما من نبي من الأنبياء أرسله الله لقومه يدعوهم إلى الإيمان به، والعمل بطاعته إلا وكان القوم على فريقين: مؤمن به وكافر.

فأقام عليهم الحجج بالبراهين الدامغة لكنهم أصروا على كفرهم وعنادهم، فأنزل الله بهم بأسه وعذبه.

قال الله: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ ‌وَلَا ‌يُرَدُّ ‌بَأْسُنَا ‌عَنِ ‌الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ).

عذاب قوم لوط

فمن هؤلاء المهلكين من أهلكه الله بالريح العاصفة التي تحمل الحجارة الصغيرة كقوم لوط،

هؤلاء الذي دعاهم نبي الله لوط إلى ترك الفواحش وترك إتيان الذكور من الناس، وألا يتركوا الحلال الطيب الذي خلقه الله لهم من النساء،

فقال الله: (أَتَأْتُونَ ‌الذُّكْرَانَ ‌مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ)

لكنهم تمادوا في كفرهم وعصيانهم فأنزل الله بهم عذابه فقال الله عنهم: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ ‌حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ).

عذاب قوم مدين وثمود

ومن هؤلاء المعذبين من أخذته الصيحة المدوية التي صمت آذانهم كقوم مدين وثمود الذين أعطاهم الله قوة في البنيان،

فكانوا يبنون البيوت الفارهة، وينحتون من الجبال بيوتا فارهين، لكنهم اغتروا بقوتهم فأنزل الله بهم عذابه فقال الله:

(فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ‌الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ)

عذاب قارون

ومنهم من خسف الله بهم الأرض فابتلعته في باطنها وغابوا في أعماقها كقارون لما اغتر وتباهى بماله وظن أنه جمعه بعلمه وقدرته بعيدا عن قدرة الله حيث قال:

(قَالَ إِنَّمَا ‌أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ).

فأنزل الله به عذابه فقال: (‌فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ)

عذاب فرعون وهامان

ومنهم من أغرقه الله في اليم كفرعون وهامان وجنودهما ، فرعون الذي طغى وتكبر وتجبر وادعى لنفسه ما ليس له، حيث ادعى الألوهية فقال: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ ‌مَا ‌عَلِمْتُ ‌لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي).

ومضي في طريق غروره مدعيا أن الحق والصواب معه وأنه الوحيد الذي يعرف الصواب فقال الله: (قَالَ فِرْعَوْنُ ‌مَا ‌أُرِيكُمْ إِلَّا ‌مَا ‌أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)، لكن نهاية فرعون كانت هي الهوان والخسران.

فقال الله: (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ ‌فِي ‌الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)

وقد جمع الله عذاب هؤلاء جميعا في آية واحدة وبين أن ما نزل بهم لم يكن مصادفة ولا بسبب غضب من الطبيعة عليهم، وإنما هو كان بسبب كفرهم وظلمهم.

فقال الله:  (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).

Exit mobile version