الحفيد يطلق على ولد الولد سواء كانوا أولاد الذكور أم الإناث من الأبناء، وهم أكثر الأبناء الذين تتعلق بهم قلوب الأجداد، وهؤلاء كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهتم بأمرهم منذ ولادتهم.
التأذين في أذن الحفيد
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا ولد له حفيد يفرح بقدومه ويؤذن في أذنه.
عن أبي رافع -رضي الله عنه- قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة)[أبو داود]
تحنيك فم المولود
عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم، فأتي بصبي، فبال عليه فدعا بماء، فأتبعه بوله ولم يغسله)[مسلم]
لأن العجوة من طعام الجنة فبها فوائد جمة منها أنها طاردة للسموم.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (العجوة من الجنة وفيها شفاء من السم، والكمأة من المن وماؤها شفاء للعين)[الترمذي]
عق رسول الله عن الحسن والحسين
عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عق عن الحسن والحسين -رضي الله عنهما- كبشا كبشا)[أبو داود]
قال الأصمعى وغيره: العقيقة أصلها الشعر الذى يكون على رأس الصبى، وإنما سميت الشاة التى تذبح: عقيقة، لأنه يحلق رأس الصبى عند ذبحها.
والعقيقة من السنن التي شرعها لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دما، وأميطوا عنه الأذى)[البخاري]
الغلام مرتهن بعقيقته
عن سمرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الغلام مرتهن بعقيقته يذبح عنه يوم السابع، ويسمى، ويحلق رأسه)[الترمذي]
وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم يستحبون أن يذبح عن الغلام العقيقة يوم السابع، فإن لم يتهيأ يوم السابع فيوم الرابع عشر، فإن لم يتهيأ عق عنه يوم حاد وعشرين، وقالوا: لا يجزئ في العقيقة من الشاة إلا ما يجزئ في الأضحية.
ومعنى مرتهن بعقيقته: فسر العلماء هذا بعدة تفسيرات منها أنه إن لم يعق عنه والداه فمات طفلا لم يشفع في والديه.
وقد يسمى في اليوم السابع من ولادته كما في الحديث الذي معنا، وقد يسمى في يوم مولده كما فعل النبي مع إبراهيم ولده.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم)[مسلم]
لما ولد الحسن بن علي أرادت فاطمة أن تعق عنه بكبشين فقال لا تعقي عنه ولكن احلقي شعر رأسه
اختيار الأسماء الحسنة للأحفاد والأبناء
كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يحسن اختيار الأسماء الحسنة لأبنائه وأحفاده وهذا واضح من أسماء أبنائه فأولهم القاسم ثم زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة وعبد الله وإبراهيم،
لما أراد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن يسمي الحسن حربا أمره رسول الله أن يسميه الحسن،
عن علي -رضي الله عنه- قال: لما ولد الحسن سميته حربا، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ( أروني ابني، ما سميتموه؟) قال: قلت: حربا. قال: (بل هو حسن)
فلما ولد الحسين سميته حربا، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (أروني ابني، ما سميتموه؟) قال: قلت حربا. قال: (بل هو حسين)
فلما ولد الثالث سميته حربا، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (أروني ابني، ما سميتموه؟) قلت: حربا. قال: (بل هو محسن)
ثم قال: (سميتهم بأسماء ولد هارون شبر، وشبير، ومشبر)[أحمد]
لم يكن هذا هو حال النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أبنائه وأحفاده فقط، وإنما كان إذا وجد أحدا من الناس ظلمه أهله بتسميته اسما قبيحا كان يغير اسمه لاسم حسن حتى لا يكون مدعاة للسخرة ولأن اختيار الأسماء الحسنة من أحق الحقوقة للطفل.
عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (أن ابنة لعمر كانت يقال لها عاصية، فسماها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جميلة)[مسلم]
وكان ينهى عن الأسماء التي فيها تزكية للنفس حتى لا يكون هناك تشاؤم عن نفيها،
عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سميت ابنتي برة فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن هذا الاسم، وسميت برة
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم). فقالوا: بم نسميها؟ قال: (سموها زينب)[مسلم]
وكان رسول الله يرعي هذا الحق مع الإماء أيضا، تلك الإماء التي كانت تعامل معاملة الدواب في الجاهلية لما جاء الإسلام راعى رسول الله حقها في الإحسان في احتيار اسم حسن لها.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (كانت جويرية اسمها برة، فحول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اسمها جويرية، وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة)[مسلم]
بول أحد أحفاد النبي في حجره
عن لبابة بنت الحارث قالت: كان الحسين بن علي -رضي الله عنه- في حجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبال عليه فقلت: البس ثوبا وأعطني إزارك حتى أغسله. قال: (إنما يغسل من بول الأنثى وينضح من بول الذكر)[أبو داود]
رقية الأحفاد
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرقي أحفاده ويعوذهما بكلمات الله الكاملة في الفضيلة والبركة، من شر كل حشرة ذات سم، ومن شر العين التي تصيب بالسوء، كما كان نبي الله إبراهيم يفعل مع إسماعيل وإسحاق.
عن ابن عباس -رضي الله عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يعوذ الحسن والحسين، ويقول: (إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة)[البخاري]
كان النبي يعلم أحفاده الدعاء
عن أبي الحوراء قال: قال الحسن بن علي -رضي عنهما- علمني رسول -صلى عليه وسلم- كلمات أقولهن في الوتر:
(اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت)[أبو داود]
اصطحاب الأحفاد للمسجد
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصطحب أحفاده معه إلى المسجد حتى ينشئوا على الطاعة، وإقامة أوامر الله.
عن أبي بكرة قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر، والحسن بن علي إلى جنبه، وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى، ويقول:
(إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)[البخاري]
وعن بريدة قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فأقبل حسن وحسين عليهما قميصان أحمران، يعثران ويقومان.
فنزل النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخذهما فوضعهما في حجره، فقال: (صدق الله ورسوله) (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) (رأيت هذين فلم أصبر) ثم أخذ في خطبته.[ابن ماجه]
حمل النبي أحفاده في الصلاة
عن أبي قتادة الأنصاري قال: (رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤم الناس وأمامة بنت أبي العاص -وهي ابنة زينب بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- على عاتقه. فإذا ركع وضعها، وإذا رفع من السجود أعادها)[مسلم]
تقبل الأحفاد
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسا،
فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: (من لا يرحم لا يرحم)[البخاري]
حمل النبي أحفاده على رقبته
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه حسن وحسين هذا على عاتقه، وهذا على عاتقه، وهو يلثم هذا مرة، وهذا مرة، حتى انتهى إلينا،
فقال له رجل: يا رسول الله، إنك تحبهما، فقال: (من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني)[أحمد]
حمل النبي لأحفاده معه على دابته
عن عبد الله بن جعفر قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته، قال:
وإنه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردفه خلفه، قال: فأدخلنا المدينة ثلاثة على دابة)[مسلم]
كان النبي يدعوا لأحفاده
عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الآخر، ثم يضمهما، ثم يقول: (اللهم ارحمهما فإني أرحمهما)[البخاري]
تقديم الهدايا للأحفاد
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قدمت على النبي -صلى الله عليه وسلم- حلية من عند النجاشي، أهداها له، فيها خاتم من ذهب فيه فص حبشي.
قالت: فأخذه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعود معرضا عنه -أو ببعض أصابعه- ثم دعا أمامة ابنة أبي العاص، ابنة ابنته زينب، فقال: (تحلي بهذا يا بنية)[أبو داود]
تربية الأحفاد على ترك الحرام
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كخ كخ، ارم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة)[مسلم]
البكاء عند فقط الحفيد
كان النبي يحزن قلبه وربما تدمع عينه إذا فقد أحدا من أحفاده، لكنه لا يقول إلا ما يرضي ربه.
روى البخاري عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: أرسلت ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه: إن ابنا لي قبض فائتنا، فأرسل يقرئ السلام، ويقول: (إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب).
فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه: سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال، فرفع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصبي ونفسه تتقعقع.
قال: حسبته أنه قال: كأنها شن، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله، ما هذا؟ فقال: (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء).