من كتاب فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، والعناوين زائدة على نص الكتاب.
حكم الماء الذي وقع فيه الذباب
5/ 5 – (وعن أبي هريرة قَال: قَال النبي – صلى الله عليه وسلم -: إِذَا وَقَعَ الذبَاب فِي شَرَابِ أحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثَمَّ لينزعْهُ فإِن في أحَدِ جنَاحَيه دَاءً وَفِي الآخَر شِفْاءً– رواه البخاري وأبو داود)،
وزاد فيه أنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء وهو اليسار واحتج به أئمتنا على أنه ميتة ما لا نفس له سائلة أي دم يسيل إذا وقعت بلا طرح في الماء القليل لا تنجسه.
ووجهه أن الذباب قد يفضي غمسه إلى موته، فلو نجسه لما أمر به، وقيس بالذباب ما في معناه كزنبور ونحل ونمل وخنفساء وبق وبعوض وعقرب وقمل وبرغوث ووزغ بجامع أن كلا منها ومن الذباب لا نفس له سائلة، وأنه يعسر لاحتواز عنه فإن غيرته الميتة لكثرتها أو طرحت فيه تنجس.
حكم الإناء الذي ولغ فيه الكلب
6/ 6 – (وَعَنْ أبِي هُرَيرَة قَال: قال رَسُولُ الله صَلّى الله عليه وسَلّم: طُهُورُ إناء أحَدِكُمْ) بضم الطاء على المشهور كما مر (إِذَا وَلَغَ فِيه الْكَلْبُ أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُن بِالترَابِ رواه مسلم وغَيره) وفي رواية
للترمذي “أولاهن أو أخراهن بالتراب” وفي أخرى للدارقطني “إحداهن بالبطحاء“.
ما يستفاد من حديث ولوغ الكلب
وفي الحديث نجاسة ما ولغ فيه الكلب وإن جاز اقتناؤه لأن الغسل إنما يجب لحدث أو خبث أو تكرمة ولا حدث على ما ولغ فيه ولا تكرمة فتعين أن يكون لنجاسة بالولوغ.
معنى ولغ
يقال: ولغ يلغ بفتح اللام فيهما أي شرب بطرف لسانه.
أحكام حديث ولوغ الكلب
وفيه أيضًا إن ذلك إنما يطهر بالغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، ولا ينافيه رواية مسلم “فاغسلوه سبعًا وعفروه الثامنة بالتراب”
إذ المراد أن التراب يصحب السابعة فكأنه قام مقام غسلة أخرى فسميت ثامنة لهذا فهي بمعنى رواية أبي داود السابعة بالتراب وهي معارضة أولاهن في محل التراب فتتساقطان في محل تعينه ويكتفى بوجوده في إحداهن كما في رواية الدارقطني على أنه في الحقيقة لا تعارض بين الروايتين بل محمولتان على الشك من الراوي بقرينة رواية الترمذي أخراهن أو قال أولاهن،
وبالجملة لا تقيد بهما رواية إحداهن لضعف دلالتهما بالتعارض أو بالشك ولجواز حمل رواية إحداهن على بيان الجواز، وأولاهن على بيان الندب وأخراهن على بيان الإِجزاء.
ما يشترط في التراب الذي يطهر به الإناء
وشرط التراب أن يكون طهورًا فلا يكفي النجس ولا المستعمل في الحدث والواجب في التراب ما يكدر الماء ويصل بواسطته إلى جميع أجزاء المحل، ومحل اشتراطه في غير الأرض الترابية، أما هي فلا تحتاج إلى تتريب إذ لا معنى لتتريب التراب.
ومحل تنجيس الماء وإنائه بالولوغ إذا لم يبلغ قلتين وإلا فلا ينجس على ما بينته في شرح الروض وغيره.
يقاس بالكلب الخنزير
وقيس بالكلب الخنزير وفرع كل منهما مع غيره وبولوغه سائر أجزائه، وفضلاته كبوله وعرقه.
هل يشترط مزج التراب بالماء لإزالة النجاسة؟
وبما ذكر علم أنه لا يشترط مزج التراب بالماء قبل وضعه على محل النجاسة بل يكفي اجتماعهما على المحل في غسلة واحدة فلا يكفي ذرّه فقط ولا مزجة بغير ماء، نعم إن مزجه بالماء، بعد مزجه بغيره ولم يتغير به كثيرًا كفى، ولا مزج غير التراب كأشنان بالماء.