من كتاب فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، والعناوين زائدة على نص الكتاب.
الماء طهور لا ينجسه شيء
(وَعَنْ أبي سَعِيدٍ) سَعْد بن مَالِك الأنصاري (الخدرِي) بضم الخاء المعجمة وإسكان الدال المهملة نسبة إلى خدره جد من أجداده (رَضِيَ الله عَنه وعَنْ أبِيهِ قَال:
قَال رسول الله صَلى الله عَليهِ وَسَلم: (إِن المَاءَ طَهُورُ لَا ينجسه شَيء). رواه أبو داود والنسائي وغيرهما وصححه الإِمام أحمد والنووي) وهو بعض حديث فقد روى أبو سعيد الخدري.
بئر بضاعة التي تلقى فيها الحيض ولحم الكلاب
قال: قيل يا رسول الله أتتوضأ من بئر بضاعة -وهي بئر تلقى فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن؟ فقال – صلى الله عليه وسلم -: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء)
تحقيق القول في: أتتوضأ
قوله: (أتتوضأ) بتائين مثناتين فوق لا بالنون والتاء فإنه تصحيف وقد جاء النهي بأنه -صلى الله عليه وسلم- توضأ من بئر بضاعة.
وفي رواية الإِمام الشافعي قيل: يا رسول الله إنك تتوضأ من ماء بئر بضاعة.
جمع بئر
والبئر مؤنثة وجمعها آبار بسكون الباء همزة بعدها راء. وآبار بمد همزة أوله وفتح الباء ولا همزة بعدها وأبؤر بسكون الباء وهمزة مضمومة وأبئر بكسر الباء وهمزة بعدها بوزن أفعل جمع قلة.
معنى أتتوضأ
أي أتتوضأ أنت من هذه البئر مع أن حالها ما ذكرناه، وبضاعة بضم الموحدة وكسرها: قيل اسم لصاحب البئر وقيل لموضعها.
معنى الحيض
وقوله الحيض بكسر الحاء وفتح الياء وفي رواية المحايض: ومعناها الخرق التي بها دم الحيض.
ما يفهم من حديث بئر بضاعة
قال الخطابي: ولم يكن إلقاؤها في البئر تعمدًا من آدمي بل كان من السيل ولا يؤثر في الماء لكثرته وقيل من الريح.
قال صاحب الشامل: ويجوز أن يكون من المنافقين.
والحديث خص منه المتغير بنجاسة متصلة به وما دون القلتين إذا لاقته نجاسة فإن كلا منهما نجس،
الأول بالإِجماع والثاني بمفهوم خبر: (إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس) وسيأتي بيانه.
حديث القلتين
(وعن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي (رَضَي الله عَنْهُمَا قَال: قَال النبي – صلى الله عليه وسلم – إِذَا بَلَغَ) وفي رواية كان (الماء قُلَّتَين لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَث) وفي رواية خبثا.
وفي لفظ “لم ينجسه” (رَوَاه ابْن حِبانَ وغيره وصححوه) ورواية
لم ينجس مفسرة لما قبلها: ومحل ذلك إذا لم يتغير الماء بنجس ملاق له والقلتان خمس مائة رطل بالبغدادي تقريبًا في الأصح فما دونهما ينجس بملاقاة النجس، وقد بسطت الكلام على ذلك في غير هذا الكتاب.
الغسل في الماء الراكد
4/ 4 – (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَال: قَال النبي صلَّى الله عليه وسَلَّم: لا يَغْتَسِلْ) بالجزم (أحَدُكُمْ في المَاءِ الدَّائِمِ) أي الراكد أو الكائن ببئر معينة كما نص عليهما الشافعي في البويطي
(وَهُو جُنُبٌ فَقِيلَ كَيفَ يَا أبَا هُرَيرَة قَال: يَتَنَاوَله تَنَاولًا. رواه مسلم وغيره)
والنهي فيه للتنزيه، وإنما كره ذلك لأنه يقذر الماء، بل يمنع من استعماله إن لم يبلغ قلتين. وقد يؤدي تكرار ذلك إلى تغيره والوضوء فيه كالغسل كما صرح به في المجموع وغيره. وخرج بالدائم المفسر بما مر الجاري فلا يكره ذلك فيه.