سورة الدخان تاريخ نزولها وسبب تسميتها وموضوعاتها
سورة الدخان من السور المكية التي نزلت في الفترة الأخيرة في مكة، وعدد آياتها 59 آية، وترتيبها في المصحف رقم 44، وتقع سورة الدخان في الجزء الخامس والعشرين.
تاريخ نزول سورة الدخان
نزلت سورة الدخان بعد سورة الزخرف، وسورة الزخرف نزلت بعد رحلة الإسراء وقبيل الهجرة النبوية.
لماذا سميت سورة الدخان بهذا الاسم
سميت سورة الدخان بهذا الاسم لورود ذكر الدخان في قول الله تعالى في الآية العاشرة: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ).
مناسبة السورة لما قبلها
ختم الله سورة الزخرف بقوله: (وقل سلام فسوف يعلمون) وافتتح سورة الدخان بالحديث عن القرآن، ثم عقب هذا بالإنذار الشديد لهؤلاء المشركين، فقال الله: (إنا كنا منذرين).
وفي سورة الزخرف ذكر الله قوله: (يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون) وقال الله في سورة الدخان: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ).
سبب نزول سورة الدخان
عن مسروق قال: جاء رجل إلى عبد الله، فقال: إني تركت في المسجد رجلا يفسر القرآن برأيه، يقول في هذه الآية: (يوم تأتي السماء بدخان مبين) إلى آخرها:
يغشاهم يوم القيامة دخان يأخذ بأنفاسهم، حتى يصيبهم منه كهيئة الزكام قال:
فقال عبد الله: من علم علما، فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم، فإن من فقه الرجل، أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم،
إنما كان هذا لأن قريشا لما استعصت على النبي -صلى الله عليه وسلم-، دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام، وجعل الرجل ينظر إلى السماء، فينظر ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجهد،
فأنزل الله -عز وجل-: (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم)، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقيل: يا رسول الله، استسق الله لمضر، فإنهم قد هلكوا، قال:
فدعا لهم، فأنزل الله -عز وجل-: (إنا كاشفو العذاب) فلما أصابهم المرة الثانية عادوا، فنزلت: (يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون) يوم بدر.[أحمد]
الأفكار الرئيسة في السورة
قال الفيروزآبادي: معظم ما ترمي إليه سورة الدخان هو:
نزول القرآن في ليلة القدر، وآيات التوحيد، والشكاية من الكفار، وحديث موسى -عليه السلام- وبني إسرائيل وفرعون، والرد على منكري البعث، وذلّ الكفار في العقوبة، وعز المؤمنين في الجنة، والمنّة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتيسير القرآن على لسانه، في قوله تعالى: (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ).
موضوعات سورة الدخان
افتتحت سورة الدخان بالثناء على القرآن الكريم، وأنه نزل في ليلة وصفها الله بأنها مباركة، وهذه الليلة تسمى عند الله بليلة القدر التي ذكرها في سورة القدر.
وبين الله في هذه السورة شرف هذه الليلة وأنها يفصل فيها في أمور الخلق، حيث قال الله: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).
وكشفت الآيات عن أحوال الكفار، وما أنزله الله بهم من العقوبات الدنيوية، فقال الله: (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ. فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ. رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ).
وتحدثت عن نبي الله موسى وبني إسرائيل وفرعون، وبينت ما حل بقوم فرعون حيث أخرجهم الله من جنات وعيون، فقال الله:
(كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ. وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ. كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ. فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ).
وردت الآيات على منكري البعث من مشركي قريش، وأن قريشا ليسوا بأكرم على الله من الأمم الماضية التي تعرضت لغضب الله وعقابه.
ثم أكدت الآيات على قيام الساعة، ثم تحدثت السورة في نهايتها عن موقف الذل والهوان الذي يتعرض له الكفار، ومشهد العز للمؤمنين في الجنة وما ينالونه من إكرام الله لهم.
وختمت السورة بتسلية النبي -صلى الله عليه وسلم- ووعده بالنصر على أعدائه فقال الله: (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ).
وقفات مع بعض آيات سورة الدخان
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ)
المراد بالليلة المباركة ليلة القدر فقد بين الله تعالى الشهر الذي نزل فيه القرآن فقال: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).
وذكر الله اسم الليلة التي نزل فيها القرآن وهي ليلة القدر فقال: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).
ووصف الله هذه الليلة التي نزل فيها القرآن بأنها ليلة مباركة فقال: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ).
(إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى)
وهذا هو قول الكافرين الذين كانوا يجادلون النبي -صلى الله عليه وسلم- في أمر البعث وينكرون الحياة الأخرى التي تكون بعد الموت.
والسؤال هنا لماذا قالوا: إن هي إلا موتتنا الأولى. ولم يقولوا إن هي إلا حياتنا الأولى فالجدال لم يكن في أمر الموت فكلهم مقرون به وإنما ينكرون أمر الحياة الأخرى.
والجواب عن هذا: هو أنهم لما وعدوا موتة يكون بعدها حياة نفوا ذلك قالوا: لا يقع في الوجود موتة يكون بعدها حياة وإنما هي حياة واحدة وموتة واحدة.
وقيل: إنهم نفوا الموتة الثانية في القبر بعد إحيائهم لسؤال منكر ونكير.
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى)
لم قال الله في وصف أهل الجنة: (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) مع أن الموتة الأولى لم تكن في الجنة وإنما كانت في الدنيا.
قال الزجاج والفراء “إلا” هنا بمعنى سوى فيكون المعنى لا يذوقون فيها الموت سوى الموتة الأولى.
وقيل : إن “إلا” بمعنى بعد فيكون المعنى: لا يذوقون فيها الموت بعد الموتة الأولى.
للاطلاع على المزيد: