ما حكم إسقاط الجنين في الأشهر الثلاثة الأولى؟

ورد لبرنامج بريد الإسلام بإذاعة القرآن الكريم من القاهرة سؤال يتعلق بحكم إسقاط الجنين ونصه:

حكم إسقاط الجنين

هل يجوز إسقاط الجنين خلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل

حكم إسقاط الجنين في الأشهر الثلاثة الأولى

ويجيب عن هذه الرسالة الأستاذ الدكتور / محمد حلمى عيسى

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

مراحل خلق الإنسان

فالحمد لله القائل: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ ‌الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ

لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا﴾ [الحج: 5].

وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائل، فيما رواه البخاري ومسلم، عن ابن مسعود رضي  الله عنه قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌وَهُوَ ‌الصَّادِقُ ‌الْمَصْدُوقُ قَالَ:

إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ.

وبعد، فبعد هذا الإعجاز، وهذا التقدير، يتجرأ الإنسان على إسقاط هذا بسبب، وبغير سبب، وترى السائل يسأل كما سمعنا: هل يجوز إسقاط الحمل خلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل، فسبحانك ربي لا إله إلا أنت.

حكم إسقاط الحمل

اعلم أيها السائل: أنه لا يجوز إسقاط الحمل  في أي مرحلة من مراحله إلا لضرورة قصوى تتعلق بحياة الأم، أو بعضو من أعضائها، فمنها تقدم حياة الأم على حياة جنينها، وعضوها عليه، وفيما عدا ذلك لا يجوز، وإن كانت الحرمة في الأول،

الآثار الترتبة على إسقاط العلقة

وكذا الأثر المترتب على الإسقاط يختلفوا عن الآخر، فإسقاط النطفة لغير سبب شرعي محرم، وإن كان لا يترتب عليه أثر، أما إسقاط العلقة، فقد ذهب المالكية إلى أنه يترتب عليه الأثر من براءة الرحم، وإنقضاء العدة إلى آخره.

وذهب الشافعي ومن وافقه، إلى أنه لا اعتبار أي من ناحية الآثار لإسقاط العلقة، وإنما لاعتبار ظهور الصورة والتصفية، فإن خفي التخطيط وكان لحما، فقولان عند الشافعية، وهذا هو نفس كلام الحنابلة،

يقول ابن قدامة في المغني: فإنْ أسْقَطَتْ ما ليس ‌فيه ‌صُورَةُ ‌آدَمِىٍّ، فلا شىءَ فيه، [أي: من ناحية الضمان]، لأنَّا لا نَعْلَمُ أنَّه جَنِينٌ، وإن ألْقَتْ مُضْغَةً، فشَهِدَ ثِقاتٌ من القَوابلِ أنَّ فيه صُورَةً خَفِيَّةً، ففيه غُرَّةٌ، وإن شَهِدَتْ أنَّه مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِىٍّ لو بَقِىَ تَصَوَّرَ، ففيه وَجْهان.

حكم إسقاط الجنين في أي مرحلة من المراحل

ومن هنا أيها السائل نقول لك: لا يجوز إسقاط الجنين في أي مرحلة لغير سبب، فإن أسقط لغير سبب، قبل أن يكون علقة، فلا شيء إلا التوبة والاستغفار، وإن أسقط بعد المضغة المخلقة ففيه الدية والكفارة مع الإثم، على رأي القائلين بذلك كما سمعنا.

دية إسقاط الجنين

والدية هي غرة عبد أو أمة، ولا وجود لها الآن، وبالتالي فقدرها الفقهاء بخمسين دينارا من الذهب الخالص، والدينار 4.25 جرامات تقريبا، يتحملها كل من اشترك في الإسقاط بالتضامن، ولا يرث فيها من أسقطه، والكفارة هي صيام شهرين متتابعين.

هذا والله أعلى وأعلم، وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

Exit mobile version