الصلاة

اتجاه القبلة وأهميتها بالنسبة للمسلمين

القبلة‏: هي الجهة التي يستقبلها المسلم بوجهه أثناء صلاته‏. والكعبة المشرفة، هي الجهة التي يجب استقبالها في الصلاة.

ما هي القبلتان؟

والقبلتان: هما المسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد الأقصى في القدس الشريف.

معنى استقبال القبلة

ومعنى ‏استقبل القبلة‏: ‏أي أقبل بوجهه إلى الجهة التي يستقبلها المصلون أثناء الصلاة، وهي الكعبة‏.

الكعبة قبلة المسلمين

الكعبة المشرفة هي قبلة المسلمين، وهي معظمة مكرمة في نفوس المؤمنين، منذ أن بناها خليل الله إبراهيم عليه السلام، أمر الله تعالى المؤمنين بتعظيمها وإجلالها، بما ارتبط بها من شعائر تعبدية من صلاة يتجه فيها المسلمون بقلوبهم وأجسادهم نحوها،

ويحج إليها المسلمون ليؤدوا المناسك كما أمرهم الله تعالى، والكعبة المشرفة تقع في وسط المسجد الحرام، ومن المعروف أن الكعبة المشرفة تقع مباشرة تحت البيت المعمور الذي هو قبلة الملائكة في السماء.

ولم يكن نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام أول من بنى الكعبة؛ إنما كان عليه السلام ثاني من بناها بعد الملائكة المكرمين، فنبي الله إبراهيم، وابنه إسماعيل عليهما السلام، كانا قد رفعا قواعدها التي كانت موجودة بالفعل، قال الله تعالى:

﴿وَإِذْ ‌يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: 127] .

تحويل القبلة

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون يتجهون في صلاتهم إلى بيت المقدس قبل الهجرة، ثم بعد الهجرة بستة عشر شهرا، نزل الأمر الإلهي بتحويل القبلة، وكان -صلى الله عليه وسلم- يحب أن يتوجه إلى الكعبة،

قال تعالى: ﴿قَدْ نَرَى ‌تَقَلُّبَ ‌وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 144]،

وكان تحويل القبلة في منتصف شهر رجب على الصحيح وقيل : في شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة، كما ذكر أبو شهبة في السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة.

وتمت إرادة الله وتحولت القبلة إلى الكعبة في مكة، لتكون وجهة النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، ووجهة المؤمنين في صلاتهم، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وقبل الأمر بتحويل القبلة أخبر الله تعالى نبيه محمدا -صلى الله عليه وسلم- بما سيكون من ردود فعل أعدائه من أمر تحويل القبلة، فقال تعالى: ﴿‌سَيَقُولُ ‌السُّفَهَاءُ ‌مِنَ ‌النَّاسِ ‌مَا ‌وَلَّاهُمْ ‌عَنْ ‌قِبْلَتِهِمُ ‌الَّتِي ‌كَانُوا ‌عَلَيْهَا﴾ [البقرة: 142]،

فاليهود والمشركون والمنافقون كانوا يتحينون كل فرصة للطعن في الدين الجديد، وتشكيك العوام في دينهم، خوفا من ضياع مصالحهم، وحسدا من عند أنفسهم.

مسجد القبلتين

هو من معالم المدينة المنورة، يقع هذا المسجد الأبيض في الطرف الغربي من المدينة المنورة، في الطريق الشمالي الغربي للمدينة المنورة، وتحديدا على طريق خالد بن الوليد، وتقاطعه مع شارع سلطانة، مساحته حوالي 4000 م2، تعلوه قبتان؛ والارتفاع حوالي 17 م لكل منهما.

يعود سبب تسميته؛ إلى أن جماعة من المسلمين في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا يصلون تجاه المسجد الأقصى،  وإذا بمناد خلفهم يصيح ويخبرهم بأن الوحي قد نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- بتحويل اتجاه القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام،

وبالفعل قام الصحابة بتحويل وجوههم وأجسامهم إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة، وهذا المسجد ينسب إلى بني سلمة، فهم الذين أقاموه على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذا المسجد ترى من الداخل محرابين، محرابا يتجه إلى الشام، والثاني يتجه إلى الكعبة.

حكم استقبال القبلة في الصلاة

من شروط صحة الصلاة استقبال القبلة، ولا تصح الصلاة إلا به، لأن الله تعالى أمر به في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿قَدْ نَرَى ‌تَقَلُّبَ ‌وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 144].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: (أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يُصَلِّي، وَرَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ. فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ، ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: فَأَعْلِمْنِي،

قَالَ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، فَكَبِّرْ وَاقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ وَتَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا)) [رواه البخاري ومسلم].

كيف نعرف القبلة

هناك الكثير من الأمور التي يستطيع المسلم تحديد قبلة الصلاة بها منها:

الاستدلال على القبلة بالشمس والقمر ومواقع النجوم

يجوز الاستدلال على القبلة بالشمس، والقمر، ومواقع النجوم، قال الله تعالى: ﴿‌وَهُوَ ‌الَّذِي ‌جَعَلَ ‌لَكُمُ ‌النُّجُومَ ‌لِتَهْتَدُوا ‌بِهَا ‌فِي ‌ظُلُمَاتِ ‌الْبَرِّ ‌وَالْبَحْرِ ‌قَدْ ‌فَصَّلْنَا ‌الْآيَاتِ ‌لِقَوْمٍ ‌يَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: 97]، وقال تعالى:

﴿‌هُوَ ‌الَّذِي ‌جَعَلَ ‌الشَّمْسَ ‌ضِيَاءً ‌وَالْقَمَرَ ‌نُورًا ‌وَقَدَّرَهُ ‌مَنَازِلَ ‌لِتَعْلَمُوا ‌عَدَدَ ‌السِّنِينَ ‌وَالْحِسَابَ ‌مَا ‌خَلَقَ ‌اللَّهُ ‌ذَلِكَ ‌إِلَّا ‌بِالْحَقِّ ‌يُفَصِّلُ ‌الْآيَاتِ ‌لِقَوْمٍ ‌يَعْلَمُونَ﴾ [يونس: 5].

الاستدلال على القبلة بالآلات والأجهزة الحديثة

إذا  لم يتمكن الشخص أن يستدل على جهة القبلة بالنظر إلى أحد المحاريب المنصوبة في البلد، أو بسؤال من يعرف القبلة، فإنه لا حرج عليه في الاعتماد على الوسائل الحديثة لتحديد القبلة كساعة الفجر وساعة العصر،

فقد رأى بعض أهل العلم المعاصرين جواز الاستعانة بها في تحديد اتجاه القبلة لمن يحسن استخدامها، وقالوا إنه ربما يتعين العمل بها، فإذا ثبت لدى أهل الخبرة الثقات من المسلمين أن جهازا أو آلة تضبط القبلة وتبينها عينا، أو جهة لم يمنع الشرع من الاستعانة بها في ذلك وفي غيره، بل قد يجب العمل بها في معرفة القبلة إذا لم يجد من يريد الصلاة دليلا سواها،

وعلى هذا؛ فإذا لم يجد الرجل طريقة يستدل بها على اتجاه القبلة أوثق من الساعة المشار إليها، واستعملها في معرفة اتجاه القبلة ثم بان خطؤه، فلا تلزمه الإعادة؛ لأنه فعل ما يقدر عليه.

الاستدلال على القبلة بخبر العدل

من اشتبهت عليه جهة القبلة، وأخبره من يقبل خبره بجهتها، فإنه يلزمه أن يصلي بقوله، ودليله عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال:

(بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ) (رواه البخاري ومسلم).

حكم الاجتهاد في تحديد القبلة

إذا لم يعرف البعيد عن أرض مكة القبلة، فإنه يلزمه الاجتهاد في تحديدها؛ وذلك لأن له طريقا إلى معرفتها بالشمس والقمر، والجبال، والرياح؛ ولهذا قال الله تعالى ﴿‌وَعَلَامَاتٍ ‌وَبِالنَّجْمِ ‌هُمْ ‌يَهْتَدُونَ﴾ [النحل: 16].

من تغير اجتهاده في تحديد القبلة أثناء الصلاة

من تغير اجتهاده في تحديد القبلة في أثناء الصلاة، فإنه ينحرف إلى الجهة الثانية ويتم صلاته، فعن البراء بن عازب:

(أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ، أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ،

وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ بِاللهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، أَنْكَرُوا ذَلِكَ) (رواه البخاري ومسلم).

من شك في اجتهاده في تحديد القبلة أثناء الصلاة

إذا دخل في الصلاة باجتهاد، ثم شك فيه ولم يترجح له شيء من الجهات، أتم صلاته إلى جهته، ولا إعادة عليه.

الخطأ في تحديد القبلة

من صلى في غير مكة إلى غير القبلة مجتهدا، ولم يعلم إلا بعد أن سلم أجزأته صلاته، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي نحو بيت المقدس، فنزلت: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 144]،

فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة، فنادى: ألا إن القبلة قد حولت، فمالوا كما هم نحو القبلة.

فهم صلوا ركعة إلى بيت المقدس بعد نسخه ووجوب استقبال الكعبة، ثم علموا في أثناء الصلاة النسخ، فاستداروا في صلاتهم وأتموا إلى الكعبة، وكانت الركعة الأولى إلى غير الكعبة بعد وجوب استقبال الكعبة، ولم يؤمروا بالإعادة، ومثل هذا لا يخفى على النبي -صلى الله عليه وسلم-.

الصلاة لغير القبلة من غير اجتهاد

من صلى إلى جهة غير القبلة من غير اجتهاد، فلا تجزئ صلاته، وعليه إعادتها.

المواضع التي يسقط فيها وجوب استقبال القبلة

1 – من تحرى القبلة ولم يتيقن بشيء، فإنه يصلي إلى أي جهة شاء، كذا من عجز عن استقبال القبلة، فإنه يصلي على حسب حاله، قال الله تعالى: ﴿‌لَا ‌يُكَلِّفُ ‌اللَّهُ ‌نَفْسًا ‌إِلَّا ‌وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ﴿‌فَاتَّقُوا ‌اللَّهَ ‌مَا ‌اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16].

2 – إذا كان في شدة الخوف كإنسان هارب من عدو، أو هارب من سبع، أو هارب من سيل يغرقه، فهنا يصلي حيث كان وجهه، ودليله قوله تعالى: ﴿فَإِنْ ‌خِفْتُمْ ‌فَرِجَالًا ‌أَوْ ‌رُكْبَانًا﴾ [البقرة: 239].

3 – النافلة في السفر سواء كان على طائرة أو على سيارة، أو على بعير فإنه يصلي حيث كان وجهه في صلاة النفل مثل الوتر، وصلاة الليل، والضحى وما أشبه ذلك، والمسافر ينبغي له أن يتنفل بجميع النوافل كالمقيم تماما إلا في الرواتب كراتبة الظهر، والمغرب، والعشاء، فالسنة تركها، فإذا أراد أن يتنفل وهو مسافر فليتنفل حيث كان وجهه ذلك.

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة