موضوعات اسلامية

آداب الرؤى والأحلام وتفسير الأحلام

الرؤى والأحلام، هي ما يراه النائم في منامه، فإن كانت خيرا فهي رؤيا من الله، وإن كانت غير ذلك فهي حلم من الشيطان،

أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا

كل إنسان يرى رؤى وأحلام في نومه، منها رؤى خير يحبها، ومنها رؤى شر يكرهها، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا، ويرى الناس في منامهم أحلاما مكروهة، تسبب لهم الحزن والفزع والقلق.

ومن اتقى الله في يقظته لم يضره ما رآه في منامه، قال الإمام ابن سيرين رحمه الله: اتق الله وأحسن في اليقظة، فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم.

الفرق بين الرؤيا والحلم

الرؤيا والحلم بمعنى واحد، غير أن النبي صلى الله عليه وسلم خص الخير باسم الرؤيا، والشر باسم الحلم.

والرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح.

أنواع الرؤيا

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ﴿إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا ، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ،

وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ : فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ (رواه مسلم).

في هذا الحديث يخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا اقترب قيام الساعة، كانت رؤيا المؤمن صادقة لا تكاد تكذب، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة،

والرؤيا ثلاث: حديث النفس» وهو ما كان في اليقظة في خيال الشخص، فيرى ما يتعلق به عند المنام، «وتخويف الشيطان» وهو الحلم ورؤية ما يكره، «وبشرى من الله» وهي المبشرات، وهي رؤيا المحبوبات، فمن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد وليقم فليصل.

الرؤيا الصالحة وآدابها

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ (رواه مسلم)، وقال أيضا: ﴿إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللهِ، فَلْيَحْمَدِ اللهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا﴾ (رواه البخاري).

فالرؤيا الصالحة هي منة وفضل من الله تعالى، ولها آداب، أن يقول المسلم: الحمد لله رب العالمين، ويستبشر بها؛ فالرؤيا الصالحة من الله تعالى، ويحدث المسلم بها من يحب من الناس من أبوين أو زوجة أو ولد أو صديق.

الحلم المكروه من الشيطان

أما الحلم المكروه فهو من الشيطان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿الرُّؤْيَا مِنَ اللهِ وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلْمًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ﴾؛ (رواه البخاري ومسلم)،

وقال أيضا: ﴿إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا ، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ ، وَلْيَتْفُلْ ثَلَاثًا ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا ، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ﴾ (رواه البخاري)،

وقال أيضا: : ﴿إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا ، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا ، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ﴾ (رواه مسلم).

فيستحب للمسلم إذا رأى في منامه ما يكره، أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،  ويتفل عن شماله ثلاث مرات، ويتحول عن جنبه الذي كان عليه، ولا يتحدث بما رآه إلى أحد من الناس، فإنه لا يضره، ثم يقوم المسلم من فراشه فيتوضأ، ويصلي، ويدعو الله تعالى أن يصرف عنه هذا الشر الذي رآه.

وليحذر المسلم من إخبار الناس بالأحلام المكروهة، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ﴿إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللهِ ، فَلْيَحْمَدِ اللهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا ، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا ، وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ ، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ (رواه البخاري).

الوقاية من الأحلام المكروهة

يستطيع المسلم أن يحصن نفسه من الأحلام المكروهة، بما يلي:

1 – أن يتوضأ، وينام على جنبه الأيمن.

2 – يقرأ آية الكرسي.

3 – يقرأ خواتيم سورة البقرة.

4 – يجمع الكفين ونقرأ فيهما سورة الإخلاص (قل هو الله أحد)، والمعوذتين، (قل أعوذ برب الفلق)، (قل أعوذ برب الناس)، ثم ينفث في الكفين، ثم يمسح بهما الرأس والوجه وباقي الجسم.

يقول: ﴿سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبِّي بِكَ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ﴾ (رواه البخاري ومسلم).

ويقول: ﴿بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا (رواه البخاري).

ويقول عند القلق والفزع من النوم: ﴿أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ غَضَبِهِ، وَشَرِّ عِبَادِهِ؛ (رواه أبو داود).

حكم تعبير الرؤيا

تعبير الرؤيا جائز لمن كان على دراية بتعبيرها، فقد كان النبي صلى الله يعبرها، وأذن لبعض أصحابه بتعبيرها، وقد يصيب المعبر في تفسيرها وقد يخطئ،

عن ابن عباس  رضي الله عنهما: ﴿أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا ، فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ ،

ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بِأَبِي أَنْتَ ، وَاللهِ لَتَدَعَنِّي فَأَعْبُرَهَا ،

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  اعْبُرْهَا. قَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالْإِسْلَامُ ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطِفُ مِنَ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالْقُرْآنُ ، حَلَاوَتُهُ تَنْطِفُ ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ ، تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللهُ ،

ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ، ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ ، فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللهِ ، بِأَبِي أَنْتَ ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا قَالَ: فَوَاللهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ ، قَالَ: لَا تُقْسِمْ﴾.البخاري

تفسير الرؤى بغير علم

الواجب على المعبرين تقوى الله عز وجل، والحذر من الخوض في هذا الباب بغير علم؛ فإن تعبير الرؤى: فتوى؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ ‌أَفْتُونِي ‌فِي ‌رُؤْيَايَ ‌إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ﴾ [يوسف: 43].

ومعلوم أن الفتوى بابها العلم، لا الظن، قيل لمالك رحمه الله : أيعبر الرؤيا كل أحد؟ فقال : أبالنبوة يلعب؟! وقال مالك: لا يعبر الرؤيا إلا من يحسنها ، فإن رأى خيرا أخبر به ، وإن رأى مكروها : فليقل خيرا ، أو ليصمت ، قيل : فهل يعبرها على الخير وهي عنده على المكروه لقول من قال : إنما على ما أولت عليه ؟ فقال : لا ، ثم قال : الرؤيا جزء من النبوة فلا يتلاعب بالنبوة .

الاعتماد في تفسير الرؤى على كتب تفسير الأحلام

لا حرج في قراءة كتب التفسير، لابن سيرين وغيره، كتب الأحلام يستفيد منها طالب العلم، لكن لا يعتمد عليها بل بالأدلة، فلابد أن ينظر إلى الأدلة، ويتعلم، وينظر القرائن، وإذا أشكل عليه لا يجزم، يقول: لعل المراد كذا، لكن لا بد من العلم بأن حال الشخص له أكبر الأثر في تفسير الرؤيا، فقد يرى اثنان نفس الرؤيا ويكون تفسيرها مختلفا باختلاف الحال.

وقد ذكر عن ابن سيرين أنه جاءه رجل فقال له: رأيت أني أؤذن فقال له: ستحج إن شاء الله، وجاءه آخر فقال: رأيت أني أؤذن، فقال له: لعل في نيتك أن تسرق،

فقيل له في ذلك، فقال: أما الأول فرأيت في وجهه نور الطاعة، فتذكرت قول الله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ ‌بِالْحَجِّ﴾ [الحج: 27]،

وأما الآخر، فرأيت على وجهه سواد المعصية، فتذكرت قول الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ﴾ [يوسف: 70].

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة