القرآن الكريم

ضرب المثل لحال المنافق في القرآن

في الآية السابقة شبه الله حال المنافقين بحال من يكون في ظلمات حالكات، ومن فقد وسائل الاتصال التي تجعله يستقبل هداية الله له.

ظلمات ورعد وبرق

شبه الله تعالى في هذه الآية حال المنافقين بحال من ينزل عليه المطر وهو في ظلمات ورعد وبرق، قال الله تعالى: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

الحالة الحسية للمنافقين

ضرب المثل لحال المنافقين بحال قوم ينزل عليه المطر، وهذا المطر هو رمز للحياة؛ لأن الله جعل حياة كل شيء في الكون مرتبطة به، كما قال الله: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ).

لكن هؤلاء القوم لم ينتفعوا بهذا الماء النازل عليهم، إذ نزل عليهم وهو مختلط بظلمات لا يدركون فيها شيئا وكان حالهم كحال الأعمى.

وهناك في تلك الظلمات رعد، وهو الصوت الذي يسمع في السحاب وهو صوت قوي شديد، فحال هؤلاء القوم عند سماع هذا الرعد أنهم يجعلون أصابعهم في آذانهم من شدة الخوف من أن تنزل بهم صاعقة فتهلكهم،

والمراد بالأصابع هنا الأنامل من باب التعبير بالكل وإرادة الجزء، وحالة الصمم التي يقومون بها من سد آذانهم لن تمنع نزول العذاب بهم إذا أرد الله هلاكهم ، فالله محيط بالكافرين من جميع جهاتهم.

وهناك مع البرق في تلك الظلمات برق وهو ضوء يلمع في السحاب يظهر وقتا قليلا ويختفي، فعندما يرون هذا البرق يمشون في ضوئه لكن سرعان ما يزول ضوء البرق فيقفون في مكانهم متحيرين،

فهذا البرق كان خاطفا بحيث لا يستطيع أن يبلغ مراده حتى تعود الظلمة من جديد فيبقى متحيرا بين إقدام وإحجام.

ولو شاء الله لذهب بسمعهم عند صدور صوت الرعد، وأبصارهم عند وميض البرق،  فكل شيء مأمور بأمر الله، والله وحده القادر الذي لا يعجزه شيء.

الحالة المعنوية للمنافقين

هذه الحالة الحسية التي ضربها الله تعالى مثلا لحال المنافقين هي تمثيل لتلك الحالة المعنوية لهم.

فهؤلاء المنافقون أنزل الله عليهم القرآن الذي جعله الله حياة لقلوبهم وكان مثل القرآن كمثل الغيث النازل من السماء يحيى الله به قلوبهم ونفوسهم.

فالقرآن الكريم سماه الله روحا؛ لأن الله يحيي به القلوب من موت الجهل والضلال بنور الإيمان، قال الله تعالى: (يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ).

وكتاب الله هو النور الذي يضيء الله به قلوب العباد ويضيء لهم الطريق للوصول إلى الله -عز وجل- قال تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).

لكن هؤلاء المنافقين لم ينتفعوا بهذا القرآن وما فيه من حياة ونور وأغلقوا قلوبهم وحجبوا عنها نور الله، وكانوا كلما سمعوا زواجر القرآن ووعيده ظنوا أن هذا الوعيد لهم فحجبوا أسماعهم لئلا يسمعوا قوارع القرآن وزواجره.

وكلما أضاءت قلوبهم قليلا من نور القرآن أطفئوا هذا النور وظلوا في ظلمة الجهل والكفر متحيرين مترددين.

وهنا نجد أن الله –تعالى- مثَّل لحال المنافقين بأربع آيات متواليات بأمثال مختلفة لاختلاف طرق المنافقين وأحوالهم، وتفننهم في الانتقال من حال إلى حال حتى لا يطلع أحد على حقيقة أمرهم.

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة