قصة إباحة تناول الطعام والشراب ليلا للصائم
كان من أحكام الصيام في بداية الأمر أن الصائم كان يفطر إذا حضر وقت الإفطار فإذا نام لا يحل له الطعام ولا الشراب ليلا حتى يأتي موعد الإفطار من اليوم التالي فخفف الله وأحل الأكل والشرب من وقت الفطر إلى طلوع الفجر.
نسخ حرمة الطعام والنساء ليلا للصائم
عَنِ البَرَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: (كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ، لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلاَ يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لاَ،
وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا، وَنَزَلَتْ: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ)[رواه البخاري].
آية الصيام
قال الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)
تفسير آية الصيام
كان من أحكام الصيام في بداية الأمر أن المؤمن إذا حضر الإفطار ونام قبل أن يأكل لا يحل له الأكل والشرب والجماع ليلته ويومه حتى يأتي موعد الإفطار في اليوم الذي يليه، فشق ذلك على بعض الصحابة حتى غشي على أحدهم في منتصف النهار فخفف الله عنهم بنسخ هذا الحكم بأن أباح الله لهم الجماع والطعام والشراب من وقت غروب الشمس إلى طلوع الفجر، فأحل الله للصائم في ليله الرفث وهو الجماع.
الزواج ستر وصيانة ووقاية
بين الله –تعالى- أن الزوجات ستر وحفظ لأزواجهن وأن الأزواج ستر وحفظ لزوجاتهم، كما يستر اللباس موضع العورة من الإنسان.
تخفيف الله عن العباد
لما كان هذا الجماع محرما على الصائم في الليل كان البعض يقع في هذا المحظور فبين الله أنه خفف عنهم في هذا الأمر؛ لأن الله الذي لا يخفى عليه شيء علم أن بعضهم كانوا يرتكبون هذا الأمر ، فخفف الله عنهم وأباح لهم ذلك من الليل للصائم، وتاب الله على عباده ووسع الأمر عليهم.
وأمرهم بأن يجامعوا وهو أمر للإباحة وأن يطلبوا ما قدره الله لهم من الأولاد، وكما أباح الله للصائمين الجماع في ليلهم أباح لهم الطعام والشراب أيضا حتى يتبين ضوء النهار من سواد الليل وهو وقت الفجر الصادق، ثم أمر الله بإتمام الصيام من وقت الفجر إلى غروب الشمس وهو أول الليل.
الاعتكاف في المساجد
ونهى الله المعتكفين الذين لزموا المساجد وانقطعوا فيها للطاعة والعبادة مدة من الزمن بألا يقتربوا من النساء بالجماع؛ لأن هذا من مفسدات الاعتكاف.
حدود الله
فهذه هي الحدود التي وضعها الله لعباده فاصلة بين الحلال والحرام فلا تقتربوا ولا تتجاوزوا هذه الحدود حتى لا تقعوا فيما حرمه الله عليكم، فهذا البيان الذي بينه الله لعباده من أجل أن يخشوه وأن يجعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية وحاجزا.