قصة عائشة مع النبي عندما زار قبر البقيع
كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم زيارة القبور لأنها ترقق القلب وتذكر بالآخرة وتجعل الإنسان دائما يرى الحقيقة ماثلة أمام عينيه تلك الحقيقة هي الموت.
قصة عائشة مع النبي عندما زار البقيع
روى الإمام مسلم في صحيحه عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب، أنه قال يوما: ألا أحدثكم عني وعن أمي قال: فظننا أنه يريد أمه التي ولدته، قال:
قالت عائشة: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلنا: بلى، قال: قالت:
لما كانت ليلتي التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها عندي، انقلب فوضع رداءه، وخلع نعليه، فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه، فاضطجع،
خروج النبي لزيارة قبور البقيع
فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدا، وانتعل رويدا، وفتح الباب فخرج، ثم أجافه رويدا، ]أغلقه وإنما فعل ذلك صلى الله عليه وسلم في خفية لئلا يوقظها ويخرج عنها فربما لحقتها وحشة في انفرادها في ظلمة الليل[
ظن عائشة أن النبي سيذهب لإحدى زوجاته
فجعلت درعي في رأسي، ]درع المرأة قميصها[ واختمرت، ]أي ألقيت على رأسي الخمار وهو ما تستر به المرأة رأسها[ وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على إثره، حتى جاء البقيع فقام، فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات،
ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت، ]الإحضار العدو أي فعدا فعدوت فهو فوق الهرولة [فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل، فقال:
(ما لك؟ يا عائش، حشيا رابية) وحشيا معناه قد وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره يقال امرأة حشياء وحشية ورجل حشيان وحشش قيل أصله من أصاب الربو حشاه رابية أي مرتفعة البطن[
قالت: قلت: لا شيء، قال: (لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير) قالت:
قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فأخبرته، قال: (فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟) قلت: نعم، فلهدني في صدري لهدة أوجعتني، ثم قال:
(أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟) قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله، نعم، قال:
(فإن جبريل أتاني حين رأيت، فناداني، فأخفاه منك، فأجبته، فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، وظننت أن قد رقدت، فكرهت أن أوقظك، وخشيت أن تستوحشي، فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم)،
الدعاء لأهل القبور
قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: (السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون).
ما يستفاد من القصة
يستفاد من هذه القصة التي جرت لعائشة -رضي الله عنها- عدة أمور:
1 – أن زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- أمهات لجميع المؤمنين واحترامهن واجب قال الله تعالى: (ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمۡۗ)
2 – حسن معاشرة النبي لزوجاته حيث أراد أن يخرج بعد أن اطمئن أنها قد نامت لئلا تستوحش من الظلمة .
3 – استحباب زيارة القبور والدعاء لأصحابها ولا تكره زيارة القبور ليلا إذا لم يخش الإنسان على نفسه .
4 – تأديب الزوجة مشروع إذا أساءت الظن لكن بشرط ألا يكون هذا التأديب فيه إيذاء لها فلا تجرح لحما ولا تكسر عظما ولا تفقأ عينا.
5 – وجوب العدل بين الزوجات في النفقة والمبيت فلا يترك الزوج إحدى زوجتيه ويستقر عند الأخرى وإنما يجب العدل في المبيت والنفقة أما المحبة القلبية فذلك أمر لا يملكه الرجل.