هل الفاتحة عند الخطوبة رابط شرعي لا يجوز نقضه؟

ورد سؤال لبرنامج بريد الإسلام بإذاعة القرآن الكريم من القاهرة والذي يقدمه الأستاذ / عبد الناصر أبو زيد ونص هذا السؤال.

تقول مستمعة خطبت لشاب وبعد فترة تراجع أبوها عن الفاتحة التى قرأها معه فى حضور الأسرتين دون سبب فما رأى الشرع فى هذا وهل الفاتحة رابط شرعى فى موضوع الزواج ؟

هل تعتبر الفاتحة رابطا شرعيا لا يجوز نقضه

ويجيب عن هذه الرسالة الأستاذ الدكتور / محمد حلمى عيسى

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على  أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

معنى الخطبة

فالخطبة هي طلب المرأة للزواج بالوسيلة المعروفة بين الناس، وذلك عن طريق وليها، وهي مقدمة من مقدمات الزواج، وقد شرعها المولى عز وجل قبل الارتباط بالعقد؛ ليتعرف كل من الخاطبين على صاحبه في حدود شرع الله، ودون خروج عليه، وليكون الإقدام بعد ذلك على الزواج على هدى وبصيرة.

الخطبة وعد بالزواج

والخطبة مجرد وعد بالزواج، وليست عقدا ملزما يجب إنجازه، ولذلك فالعدول عن إنجازه حق من الحقوق التي يملكها كل من المتواعدين، فللخاطب أن يعدل، وللمرأة أو لوليها أن يعدلوا،

صفات المنافق

لكن هذا العدول لابد أن يكون مبررا، وإلا عد خلقا دنيئا، ووصف فاعله ببعض صفات المنافقين، التي جاءت في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال:

(‌آيَةُ ‌الْمُنَافِقِ ‌ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ)، وزاد مسلم: (وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى ‌وَزَعَمَ ‌أَنَّهُ ‌مُسْلِمٌ).

وقد جاء في تذكرة الحفاظ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: انْظُرُوا فُلَانًا – لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ – فَإِنِّي كُنْتُ قُلْتُ لَهُ فِي ابْنَتِي قَوْلًا كَشَبِيهِ الْعِدةِ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِثُلُثِ النِّفَاقِ ‌وَأُشْهِدُكُمْ ‌أَنِّي ‌قَدْ ‌زَوَّجْتُهُ، وبعد:

فقد سمعتي أيتها السائلة حكم الخطبة، وإنها مجرد وعد بالزواج، وليست عقدا ملزما، وبالتالي فإذا كان والدك قد فسخها من دون سبب وجيه كما تدعين؛ فإنه يكون قد أخطأ بإخلاف الوعد من دون مبرر، ولكن أحسني الظن به،  ويجب عليك إحسان الظن به كذلك؛ لأنه ربما فسخها لسبب لا تعلمينه، أو لم يرد أن يطلعك عليه؛ لأنه مأمور أن يختار لك، وأن يحسن الاختيار، وبالتالي فلا يجوز للولي أن يزوج موليته إلا بمن له دين وخلق وشرف وحسن سمت، إن عاشرها عاشرها بالمعروف، وإن سرحها سرحها بإحسان.

قَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ: إِنَّ عِنْدِي ابْنَةً لِي وَقَدْ خُطِبَتْ إِلَيَّ فَمَنْ أُزَوِّجُهَا؟ قَالَ: «زَوِّجْهَا مَنْ يَخَافُ اللَّهَ فَإِنْ ‌أَحَبَّهَا ‌أَكْرَمَهَا ‌وَإِنْ ‌أَبْغَضَهَا ‌لَمْ ‌يَظْلِمْهَا».

وقالت عائشة رضي الله عنها: «النِّكَاحُ رِقٌّ، [أي كالرق في الأسر]، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ ‌أَيْنَ ‌يَضَعُ ‌كَرِيمَتَهُ».

فلعل والدك أيتها السائلة يريد لك الأفضل، وهذا هو المأمول به، وسيعوضك الله خيرا من هذا الخاطب، هو ولي ذلك والقادر عليه، وهو أعلى وأعلم.

Exit mobile version