الصلاة

صلاة الاستخارة تعريفها وأحكامها

يسن لكل من أراد أن يقوم بأمر ذي بال ولا يدري هل الخير في فعله أم في تركه أن يصلي صلاة الاستخارة، والاستخارة معناها طلب الخيرة، أي طلب خير الأمرين.

حكمة صلاة الاستخارة

الحكمة من صلاة الاستخارة أنها نوع من التسليم لأمر الله، وخروج الإنسان من حوله وقوته إلى حول الله وقوته، من أجل أن يجمع بين خيري الدنيا والآخرة.

ما هي الأمور التي تكون فيها صلاة الاستخارة؟ 

تكون صلاة الاستخارة في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها، أما ما هو معلوم خيره كالطاعات أو معلوم شره كالمعاصي فهذه لا استخارة فيها.

متى يبدأ المستخير صلاة الاستخارة

يبدأ المستخير صلاة الاستخارة عندما يكون خالي الذهن لا يدري أين يكون الخير في أي الأمرين، فيصلي الاستخارة ليظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير له.

هل تجوز الاستشارة مع صلاة الاستخارة؟

الاستخارة تكون بصلاة الاستخارة والتي يطلب فيها العبد من الله أن يرشده لما هو الصواب.

وأما الاستشارة فهي أن يستشير الإنسان من يعلم من حاله أنه خبير بهذا الأمر وعنده أمانة في نصيحته، وهنا لا مانع من أن يستشير الإنسان من يثق في دينه ثم يستخير ربه فإن الله أمر نبيه بالاستشارة فقال: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ).

كيفية صلاة الاستخارة

اتفقت المذاهب الأربعة على أن صلاة الاستخارة تكون بركعتين من غير الفريضة ينوي المصلي صلاة الاستخارة ثم يدعو بالدعاء المأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدها.

وهناك صورة أخرى للاستخارة قال بها الحنفية والمالكية والشافعية وهي أنها تجوز بالدعاء فقط من غير صلاة إذا كان الانسان بموضع يتعذر عليه أداء الصلاة فيه.

وقيل: تجوز الاستخارة بذكر الدعاء عقب أي صلاة وبهذا قال المالكية والشافعية.

عدد ركعات صلاة الاستخارة

الأفضل في صلاة الاستخارة أن تكون ركعتين، لكن الشافعية أجازوا أكثر من ركعتين واعتبروا التقييد بركعتين لبيان أقل ما تحصل به الاستخارة.

وقت صلاة الاستخارة

يصلى المسلم صلاة الاستخارة في أي وقت إلا في أوقات الكراهة وهي الأوقات التي ينهى عن الصلاة فيها، والأوقات المنهي عن الصلاة فيها ثلاثة أوقات:

  • بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس.
  • وعند استواء الشمس أي تعامدها في وسط السماء.
  • وبعد العصر حتى تغرب الشمس.

رَوَى البخاري في صحيحه عن عبد الله بْنُ عَبَّاسٍ قَال: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ.

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَال: قُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ: أَخْبِرْنِي عَنِ الصَّلَاةِ. قَال: (صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ ‌يَسْجُدُ ‌لَهَا ‌الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ ‌يَسْجُدُ ‌لَهَا ‌الْكُفَّارُ) ]مسلم[

لكن أباح الشافعية صلاة الاستخارة في الحرم المكي في أي وقت حتى في أوقات الكراهة قياسا على ركعتي الطواف لِمَا رُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى فِي أَيِّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ.]ابن ماجه[

أما إذا كان المستخير يستخير بالدعاء فقط كما أجازه بعض العلماء فتجوز في أي وقت من الأوقات لأنه ليس هناك أوقات ينهى عن الدعاء فيها كالصلاة.

القراءة في صلاة الاستخارة

يوجد ثلاثة آراء فيما يقرؤه المستخير في صلاته:

  1. يستحب أن يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص فالسورة الأولى هي براءة من الكفر والثانية إثبات التوحيد ويجوز الزيادة عليهما وبهذا قال الحنفية والمالكية والشافعية.
  2. يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى قول الله تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآْخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
  3. وفي الركعة الثانية قول الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَل ضَلَالاً مُبِينًا). وهذا استحسان لبعض السلف.
  4. ليست هناك قراءة معينة لصلاة الاستخارة وبهذا قال الحنابلة وبعض الفقهاء.

دعاء صلاة الاستخارة

روى البخاري ومسلم الدعاء الذي علمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَال:

كَانَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيُقَل:

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِك الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَاّمُ الْغُيُوبِ.

اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَال عَاجِل أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ،

وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي -أَوْ قَال عَاجِل أَمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ. قَال: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ.

ويستحب افتتاح هذا الدعاء بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبهذا قال الحنفية والمالكية والشافعية .

استقبال القبلة في دعاء الاستخارة

يستحب للمستخير أن يستقبل القبلة في دعاء الاستخارة وأن يراعي جميع آداب الدعاء.

موطن دعاء الاستخارة

ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن دعاء الاستخارة يكون عقب الصلاة لأن هذا هو الموافق لنص الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيُقَل).

وهذا يفيد أنه يكون بعد الانتهاء من الصلاة، لكن أجاز ابن حجر وهو من الشافعية والعدوي وهو من المالكية الدعاء أثناء الصلاة في السجود أو بعد التشهد.

تكرار صلاة الاستخارة

إذا استخار الإنسان ربه ولم يهتد لأفضل الأمرين جاز له أن يكرر الاستخارة بالصلاة والدعاء كما قال الحنفية والمالكية والشافعية.

النيابة في صلاة الاستخارة

أجاز المالكية والشافعية النيابة في الاستخارة بأن يسخير الإنسان لغيره، معتمدين في ذلك على قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه).

أثر صلاة الاستخارة

من علامات القبول في الاستخارة أن يجد الإنسان صدره منشرحا لأحد الأمرين، وانشراح الصدر معناه ميل الإنسان وحبه لأحد الأمرين من غير أن يكون موافقا لهوى النفس.

وقال الزملكاني من الشافعية: لا يشترط شرح الصدر فإذا استخار الإنسان ربه في شيء فليفعل ما بدا له سواء انشرح له صدره أم لا فإن الخير فيه.

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة