الجهر بالدعوة واضطهاد قريش للمسلمين
بدأ النبي –صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى الإسلام سرا أقرب الناس له، فأسلمت خديجة -رضي الله عنها- وأبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة وتتابع الناس بعد ذلك. وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يجتمع بهم في دار الأرقم بن أبي الأرقم يلقنهم أصول الإسلام.
الجهر بالدعوة
أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأن يجهر بالدعوة، فأنزل الله عليه قوله: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) وبدأ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بدعوة أهله وعشيرته كما أمره ربه حيث قال:
(وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون).
فصعد فوق جبل الصفا وجعل ينادي قومه ويقول: إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. حتى قال له عمه أبو لهب: تبا لك ألهذا جمعتنا. فأنزل الله قوله: (تبت يدا أبي لهب وتب…)
لقد بلغ من عداوة أبي لهب أنه كان يتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأسواق والمجامع يكذبه.
قريش تقف بالمرصاد للدعوة الإسلامية
لم تقف قريش مكتوفة الأيدي أمام هذا الدين الذي يدعو إليه محمد -صلى الله عليه وسلم-، والذي يساوي به بين الناس جميعا، ويلغي فوارق الطبقية، والظلم، والاستعباد، ويؤسس لحياة نقية طاهرة لا خضوع فيها إلا لله.
حاربت قريش رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بكل ما أوتيت من قوة فتنوعت محاربتها للإسلام المتمثل في شخص النبي محمد –صلى الله عليه وسلم-، فتارة كانوا يرمون أمعاء الجزور على ظهره وهو ساجد،
ومرة أتي عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا، وتارة يضع رجله على عنق النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي حتى كادت عيناه تخرجان.
وكان أبو جهل يقول: إني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر فإذا سجد في صلاته فدخت به رأسه. وكان يقول: لله علي إن رأيت محمدا ساجدا لأطأن عنه ولأعفرن وجهه التراب. إلا ان الله عصم نبيه منه.
قريش تلجأ لسياسة الحصار الشامل
لجأت قريش لسياسة التجويع والحصار الشامل بألا يعاملوا محمدا ومن معه في بيع ولا شراء ولا يتزوجون منهم ولا يزوجوهم، لعل محمدا ومن معه يتركون إيمانهم وقيمهم ومبادءهم مقابل أن يفكوا هذا الحصار الظالم عنهم، وظلوا في هذا الحصار ثلاث سنين حتى كانوا يأكلون ورق الشجر، وما تنازلوا عن شيء من دينهم.
قريش تلجأ لوسائل الإعلام لتشويه النبي
لجأت قريش لاستخدام وسائل الإعلام لتشويه النبي –صلى الله عليه وسلم- ومن معه، فقالوا عنه أنه ساحر، ومجنون، وكاهن، وشاعر، وساحر، وهم يعلمون أنه بريء من كل ذلك.
قريش تلجأ لسياسة الترغيب بدلا من الترهيب
لما باءت كل محاولات قريش بالفشل لجأت إلى طريقة الإغراء بالمال والجاه والسلطان للنبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أن رسول الله رفض كل هذا؛ لأنه لم يأت طالبا لشيء من ذلك، وإنما جاء ليبلغ الوحي الذي أمره ربه أن يبلغه للناس.
لقد أرسلوا للنبي –صلى الله عليه وسلم- عتبة بن ربيعة ليكلمه في هذا الأمر إلا أن رسول الله ترك له المجال ليتكلم فلما قال ما عنده قال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: أفرغت يا أبا الوليد قال: نعم قال: فاسمع مني فتلا عليه قول الله:
(حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون) حتى وصل إلى قول الله: (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) فأمسك عتبة بفم النبي –صلى الله عليه وسلم- وناشده أن يكف عن الكلام.
ثم رجع عتبة إلى قومه وأخبرهم أنه سمع قولا ما سمع مثله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة ثم قال لهم: يا معشر قريش أطيعوني وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ.
فلما يئست قريش اشتدت وطأتها في تعذيبها للنبي –صلى الله عليه وسلم- ومن معه، فأذن رسول الله لأصحابه بأن يهاجروا إلى الحبشة.