كتاب رياض الصالحين للإمام النووي الجزء الثالث
هذا عرض كتاب رياض الصالحين للإمام النووي أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676 هـ) الجزء الثالث
66- باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر
1/581- عن بُرَيْدَةَ، رضي اللَّهُ عنه، قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيارَة القُبُورِ فَزُوروها” رواهُ مسلم.
وفي رواية “فَمَنْ أرَادَ أنْ يَزُورَ القبور فليزر فإنها تذكرنا بالآخرة”.
2/582- وعن عائشَةَ رضي اللَّهُ عنها قَالَتْ: كَانَ رسُولُ اللَّهِ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، كُلَّما كَانَ لَيْلَتها منْ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلى البَقِيعِ، فَيَقُولُ: “السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤمِنينَ، وأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَداً مُؤَجَّلُونَ، وإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ” رواهُ مسلم.
3/583- وعن بُرَيْدَةَ رضي اللَّهُ عنهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُعَلِّمُهُمْ إِذا خَرَجُوا إِلى المَقابِرِ أَنْ يَقُولَ قَائِلُهُم: “السَّلامُ عَلَيكُمْ أَهْل الدِّيارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ والمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّه لَنَا وَلَكُمُ العافِيَةَ” رواه مسلم.
4/584- وعن ابن عَبَّاسٍ، رَضَيَ اللَّه عنهما، قال: مَرَّ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِقُبورٍ بالمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بوَجْهِهِ فقالَ: “السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ القُبُورِ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَنا وَلَكُمْ، أَنْتُم سَلَفُنا ونحْنُ بالأَثَرِ” رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حسن
67- باب كراهية تمني الموت بسبب ضرر نزل بِهِ وَلَا بأس بِهِ لخوف الفتنة في الدين
1/585- عنْ أَبي هُريرة رضيَ اللَّهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ: “لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ إِمَا مُحسِناً، فَلَعَلَّهُ يَزْدادُ، وَإِمَّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ “متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري.
وفي روايةٍ لمسلم عن أَبي هُريْرةَ رضي اللَّهُ عنه عَنْ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “لَا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ، وَلا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِنَّهُ إِذا ماتَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لَا يَزيدُ المُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَاّ خَيراً”.
2/586- وعن أنسٍ رضي اللَّه عنه قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ فَإِنْ كانْ لابُدَّ فاعِلَا، فَلْيَقُل: اللَّهُمَّ أَحْيِني مَا كانَتِ الحَياةُ خَيْراً لِي، وتَوَفَّني إِذا كانَتِ الوفاةُ خَيراً لي” متفقٌ عليه.
3/587- وعَنْ قَيسِ بنِ أَبي حازمٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلى خَباب بنِ الأَرَتِّ رضيَ اللَّهُ عنهُ نَعُودُهُ وَقَدِ اكْتَوى سَبْعَ كَيَّاتٍ فَقَالَ: إِنَّ أَصْحابنا الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوْا، ولَم تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيَا، وإِنَّا أَصَبْنَا مَا لَا نجِدُ لَهُ مَوْضِعاً إِلَاّ الترابَ ولَوْلَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم نهانَا أَنْ نَدْعُوَ بالمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى وهُوَ يَبْني حَائِطاً لَهُ، فَقَالَ: إِنَّ المُسْلِمَ لَيُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيءٍ يُنْفِقُهُ إِلَاّ فِي شَيءٍ يَجْعَلُهُ في هَذَا الترابِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ رواية البخاري
68- باب الورع وترك الشبهات
قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور15] .وقال تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:14]
1/588- وعن النُّعمان بنِ بَشيرٍ رضيَ اللَّه عنهما قال: سمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: “إِنَّ الحَلَالَ بَيِّنٌ، وإِنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهما مُشْتَبِهاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَن اتَّقى الشُّبُهاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشبُهاتِ، وقَعَ في الحَرامِ، كالرَّاعي يرْعى حَوْلَ الحِمى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَع فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمهُ، أَلَا وإِنَّ فِي الجسَدِ مُضغَةً إِذَا صلَحَت صَلَحَ الجسَدُ كُلُّهُ، وَإِذا فَسَدَتْ فَسدَ الجَسَدُ كُلُّهُ: أَلَا وَهِي القَلْبُ” متفقٌ عَلَيْهِ. ورَوَياه مِنْ طُرُقٍ بأَلْفاظٍ مُتَقارِبَةٍ.
2/589- وعن أَنسٍ رضيَ اللَّهُ عنه أَنَّ النَبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ، فقالَ: “لَوْلَا أَنِّي أَخافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُها”. متفقٌ عَلَيْهِ.
3/590- وعن النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ رضي اللَّه عنه عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “البرُّ حُسنُ الخُلُقِ وَالإِثمُ مَا حاكَ فِي نفْسِكَ، وكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ” رواه مسلم.
“حاكَ”بالحاءِ المهملة والكاف، أَيْ تَرَدَّدَ فيهِ 4/591- وعن وابصةَ بنِ مَعْبِدٍ رضيَ اللَّه عنه قَالَ: أَتَيْتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَالَ: ” جِئْتَ تسأَلُ عنِ البِرِّ؟ “قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ:”اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، البِرُّ: مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، واطْمَأَنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ، والإِثمُ مَا حاكَ في النَّفْسِ وتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوكَ” حديثٌ حسن، رواهُ أحمدُ، والدَّارَمِيُّ في”مُسْنَدَيْهِما”.
5/592- وعن أَبي سِرْوَعَةَ بكسر السين المهملة وفتحها عُقْبَةَ بنِ الحارِثِ رضي اللَّهُ عنهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأبي إِهاب بنِ عَزِيزٍ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَد أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالتي قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا، فَقَالَ لَها عُقبةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرضَعْتِني وَلَا أَخْبَرتِني، فَرَكَبَ إِلى رسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بالمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “كَيْفَ، وَقَدْ قِيلَ؟،” ففَارقَهَا عُقْبَةُ ونكَحَتْ زَوْجاً غيرَهُ. رواهُ البخاري.
“إِهَابٌ”بكسرِ الهمزة، وَ”عزِيزٌ”بفتح العين وبزاي مكررة.
6/593- وعن الحَسَنِ بن عَليٍّ رضّيَ اللَّهُ عنهما، قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلى مَا لَا يرِيبُك” رواهُ الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ومعناهُ: اتْرُكْ مَا تَشُكُّ فِيهِ، وخُذْ مَا لَا تَشُكَّ فِيهِ.
7/594- وعن عائشةَ رضيَ اللَّهُ عنها، قَالَتْ: كانَ لأبي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ، رضيَ اللَّهُ عنهُ غُلامٌ يُخْرِجُ لَهُ الخَراجَ وكانَ أَبو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوماً بِشَيءٍ، فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الغُلامُ: تَدْرِي مَا هَذا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ومَا هُوَ؟ قَالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ في الجاهِلِيَّةِ ومَا أُحْسِن الكَهَانَةَ إِلَاّ أَنِّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيني، فَأَعْطَاني بِذلكَ هَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَه فَقَاءَ كُلَّ شَيءٍ فِي بَطْنِهِ، رواه البخاري.
“الخَراجُ”: شَيءَ يَجْعَلُهُ السَّيِّدُ عَلى عَبْدِهِ يُؤدِّيهِ إلى السيِّد كُلّ يَومٍ، وَبَاقي كَسبِهِ يَكُونُ للعَبْدِ 8/595- وعن نافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ فَرَضَ للْمُهاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَربَعَةَ آلافٍ، وفَرَضَ لابْنِهِ ثلاثةَ آلافٍ وخَمْسَمائةٍ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مِنَ المُهاجِرِينَ فَلِم نَقَصْتَهُ؟ فَقَالَ: إِنَّما هَاجَر بِهِ أَبُوه يَقُولُ: لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ. رواهُ البخاري.
9/596- وعن عطِيَّةَ بنِ عُرْوةَ السَّعْدِيِّ الصَّحَابِيِّ رضيَ اللَّه عنهُ قالَ. قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم “لايبلغ العبدُ أَنْ يَكُونَ منَ المُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مالا بَأْس بِهِ حَذراً لما بِهِ بَأْسٌ”.
رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حسن