كتاب رياض الصالحين للإمام النووي الجزء الأول
12- بابُ الحثِّ عَلَى الازدياد من الخير في أواخِر العُمر
قَالَ الله تَعَالَى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37] قال ابن عباس والمحققون: معناه: أولم نُعَمِّرْكُمْ سِتِّينَ سَنَةً؟ وَيُؤَيِّدُهُ الحديث الَّذِي سنذْكُرُهُ إنْ شاء الله تَعَالَى، وقيل: معناه ثماني عَشْرَة سَنَةً. وقيل: أرْبَعينَ سَنَةً. قاله الحسن والكلبي ومسروق، ونُقِلَ عن ابن عباس أيضاً.
وَنَقَلُوا: أنَّ أَهْلَ المدينَةِ كانوا إِذَا بَلَغَ أَحَدُهُمْ أربْعينَ سَنَةً تَفَرَّغَ للعِبادَةِ. وقيل: هُوَ البلوغ.
وقوله تعالى: {وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37] قَالَ ابن عباس والجمهور: هُوَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم. وقيل: الشَّيبُ. قاله عِكْرِمَةُ، وابن عيينة، وغيرهما. والله أعلم.
1/112-وأمَّا الأحاديث فالأوَّل: عن أَبِي هريرةَ رضي اللَّه عنه، عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “أعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِىءٍ أخَّرَ أجلَه حَتَّى بلَغَ سِتِّينَ سَنَةً” رواه البخارى
قَالَ العلماءُ معناه: لَمْ يتْركْ لَه عُذْراً إِذْ أمْهَلَهُ هذِهِ المُدَّةَ. يُقال: أعْذَرَ الرَّجُلُ إِذَا بلغَ الغايَةَ في الْعُذْرِ.
2/113-الثاني: عن ابن عَبَّاسٍ، رضي اللَّه عنهما، قَالَ: كَانَ عمر رضي اللَّه عنه يُدْخِلُنى مَع أشْياخ بْدرٍ، فَكأنَّ بعْضَهُمْ وجدَ فِي نفسِهِ فَقَالَ: لِمَ يَدْخُلُ هَذِا معنا ولنَا أبْنَاء مِثْلُه،؟ فَقَالَ عمرُ: إِنَّهُ منْ حيْثُ علِمْتُمْ، فدَعَانى ذاتَ يَوْمٍ فَأدْخلَنى معهُمْ، فما رأَيْتُ أنَّه دعاني يوْمئِذٍ إِلَاّ لِيُرِيهُمْ قَالَ: مَا تقُولُون في قول اللَّه تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر:1]
فَقَالَ بَعضُهُمْ: أمِرْنَا نَحْمَدُ اللَّهَ ونَسْتَغْفِره إذَا نَصرنَا وفَتَحَ علَيْنَا. وسكَتَ بعضهُمْ فَلَمْ يقُلْ شَيئاً فَقَالَ لي: أكَذلك تقُول يَا ابنَ عباسٍ؟ فقلت: لا. قَالَ فما تقول؟ قُلْتُ: هُو أجلُ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، أعْلمَه لَهُ قَالَ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [: وذلك علامةُ أجلِك {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} [النصر:3] فَقَالَ عمر رضي اللَّه عنه: مَا أعْلَم مِنْهَا إلَاّ مَا تَقُول. رواه البخاري.
3/114-الثالث: عن عائشةَ رضي اللَّه عنها قَالَتْ: مَا صَلَّى رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم صلاةً بعْد أَنْ نزَلَت علَيْهِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلَاّ يقول فِيهَا: “سُبْحانك ربَّنَا وبِحمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي” متفقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية الصحيحين عنها: كَانَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُكْثِر أنْ يَقُول فِي ركُوعِه وسُجُودِهِ: “سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ ربَّنَا وَبحمْدِكَ، اللَّهمَّ اغْفِرْ لِي” يتأوَّل الْقُرْآن.
معنى:”يتأوَّل الْقُرُآنَ”أيْ: يعْمل مَا أُمِرَ بِهِ في الْقُرآنِ في قولِهِ تَعَالَى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} .
وفي رواية لمسلم: كَانَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُكْثِرُ أنْ يَقولَ قبْلَ أَنْ يَمُوتَ: “سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحْمدِكَ، أسْتَغْفِركَ وأتُوبُ إلَيْكَ”. قَالَتْ عائشةُ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللَّه مَا هذِهِ الكلِمَاتُ الَّتي أرَاكَ أحْدثْتَها تَقولها؟ قَالَ: “جُعِلَتْ لِي علامةٌ في أمَّتي إِذَا رَأيتُها قُلتُها {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [إِلَى آخِرِ السورة”.
وفي رواية لَهُ: كَانَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: “سُبْحانَ اللَّهِ وبحَمْدِهِ. أسْتَغْفِرُ اللَّه وَأَتُوبُ إلَيْه”. قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللَّه، أَرَاكَ تُكْثِرُ مِنْ قَوْل: سُبْحَانَ اللَّهِ وبحمْدِهِ، أسْتغْفِر اللَّه وأتُوبُ إليْهِ؟ فَقَالَ: “أخْبرني ربِّي أنِّي سَأرَى علَامَةً فِي أُمَّتي فَإِذَا رأيْتُها أكْثَرْتُ مِن قَوْلِ: سُبْحانَ اللَّهِ وبحَمْدِهِ أسْتَغْفِرُ اللَّه وَأتُوبُ إلَيْهِ: فَقَدْ رَأَيْتُها: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فَتْحُ مَكَّةَ، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}
4/115-الرابع: عن أنسٍ رضي اللَّهُ عنه قَالَ: إنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ تَابعَ الوحْيَ عَلَى رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَبْلَ وَفَاتِهِ، حتَّى تُوُفِّى أكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْيُ. متفقٌ عَلَيهِ.
5/116-الخامس: عن جابر رضي اللَّه عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “يُبْعثُ كُلُّ عبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ علَيْهِ” رواه مسلم
13- باب في بَيان كثرةِ طرق الخير
قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215] وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 197] وَقالَ تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة:7] وَقالَ تَعَالَى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} [الجاثية:15] والآيات في الباب كثيرة.
وأما الأحاديث فكثيرة جداً، وهي غيرُ منحصرةٍ، فنذكُرُ طرفاً مِنْهَا:
1/117-الأوَّل: عن أَبِي ذرٍّ جُنْدَبِ بنِ جُنَادَةَ رضي اللَّه عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رسولَ اللَّه، أيُّ الأعْمالِ أفْضَلُ؟ قَالَ: “الإِيمانُ بِاللَّهِ، وَالجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ “. قُلْتُ: أيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ؟ قَالَ: “أنْفَسُهَا عِنْد أهْلِهَا، وأكثَرُهَا ثَمَناً”. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أفْعلْ؟ قَالَ:”تُعينُ صَانِعاً أوْ تَصْنَعُ لأخْرَقَ”قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّه أرَأيتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعملِ؟ قَالَ:”تَكُفُّ شَرَّكَ عَن النَّاسِ فَإِنَّها صدقةٌ مِنْكَ عَلَى نَفسِكَ”. متفقٌ عليه.
“الصانِعُ”بالصَّاد المهملة هَذَا هُوَ المشهور، ورُوِى”ضَائعاً”بالمعجمة: أيْ ذَا ضِياع مِنْ فقْرِ أوْ عِيالٍ، ونْحو ذلكَ”والأخْرَقُ”: الَّذي لا يُتقنُ مَا يُحاوِلُ فِعْلهُ.
2/118-الثاني: عن أَبِي ذرٍّ رضي اللَّه عنه أيضاً أنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “يُصْبِحُ عَلَى كلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صدقَةٌ، فَكُلٌ تَسبِيْحةٍ صَدقةٌ، وكُلُّ تحْمِيدَةٍ صدقَةٌ، وكُلُّ تهْلِيلَةٍ صَدَقةٌ، وكلُّ تَكْبِيرةٍ صَدَقَةٌ
13- باب في بَيان كثرةِ طرق الخير
قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215] وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 197] وَقالَ تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة:7] وَقالَ تَعَالَى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} [الجاثية:15] والآيات في الباب كثيرة.
وأما الأحاديث فكثيرة جداً، وهي غيرُ منحصرةٍ، فنذكُرُ طرفاً مِنْهَا:
1/117-الأوَّل: عن أَبِي ذرٍّ جُنْدَبِ بنِ جُنَادَةَ رضي اللَّه عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رسولَ اللَّه، أيُّ الأعْمالِ أفْضَلُ؟ قَالَ: “الإِيمانُ بِاللَّهِ، وَالجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ “. قُلْتُ: أيُّ الرِّقَابِ أفْضَلُ؟ قَالَ: “أنْفَسُهَا عِنْد أهْلِهَا، وأكثَرُهَا ثَمَناً”. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أفْعلْ؟ قَالَ:”تُعينُ صَانِعاً أوْ تَصْنَعُ لأخْرَقَ”قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّه أرَأيتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعملِ؟ قَالَ:”تَكُفُّ شَرَّكَ عَن النَّاسِ فَإِنَّها صدقةٌ مِنْكَ عَلَى نَفسِكَ”. متفقٌ عليه.
“الصانِعُ”بالصَّاد المهملة هَذَا هُوَ المشهور، ورُوِى”ضَائعاً”بالمعجمة: أيْ ذَا ضِياع مِنْ فقْرِ أوْ عِيالٍ، ونْحو ذلكَ”والأخْرَقُ”: الَّذي لا يُتقنُ مَا يُحاوِلُ فِعْلهُ.
2/118-الثاني: عن أَبِي ذرٍّ رضي اللَّه عنه أيضاً أنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “يُصْبِحُ عَلَى كلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صدقَةٌ، فَكُلٌ تَسبِيْحةٍ صَدقةٌ، وكُلُّ تحْمِيدَةٍ صدقَةٌ، وكُلُّ تهْلِيلَةٍ صَدَقةٌ، وكلُّ تَكْبِيرةٍ صَدَقَةٌ ورواه مسلم أيضاً من رواية عائشة رَضي اللَّه عنها قالت: قالَ رسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “إنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إنْسانٍ مِنْ بني آدم علَى سِتِّينَ وثلاثمائَةِ مَفْصِلٍ، فَمنْ كَبَّر اللَّه، وحمِدَ اللَّه، وَهَلَّلَ اللَّه، وسبَّحَ اللَّه واستَغْفَر اللَّه، وعَزلَ حَجراً عنْ طَرِيقِ النَّاسِ أوْ شَوْكَةً أوْ عظْماً عَن طَرِيقِ النَّاسِ، أوْ أمَرَ بمعرُوفٍ أوْ نهى عنْ مُنْكَرٍ، عَددَ السِّتِّينَ والثَّلَاثمائة، فَإِنَّهُ يُمْسي يَوْمئِذٍ وَقَد زَحزحَ نفْسَهُ عنِ النَّارِ”.
7/123-السابع: عَنْهُ عن النَبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “منْ غدَا إِلَى المَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أعدَّ اللَّهُ لَهُ في الجنَّةِ نُزُلاًكُلَّمَا غَدا أوْ رَاحَ” متفقٌ عَلَيهِ.
“النُّزُل”: القُوتُ والرِّزْقُ ومَا يُهَيَّأ للضَّيفِ.
8/124-الثامن: عَنْهُ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “يَا نِسَاء المُسْلِماتِ لَا تَحْقِرنَّ جارَةٌ لِجارتِهَا ولَوْفِرْسِنَ شاةٍ” متفقٌ عَلَيهِ.
قَالَ الجوهري: الفِرْسِنُ مِنَ الْبعِيرِ: كالحافِرِ مِنَ الدَّابَّةِ، قَالَ: ورُبَّمَا اسْتُعِير في الشَّاةِ
9/125-التاسع: عَنْهُ عن النَّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسبْعُونَ، أوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شَعْبَةً: فَأفْضلُهَاقوْلُ لَا إلَهَ إلَاّ اللَّهُ، وَأدْنَاهَا إمَاطَةُ الأذَى عنِ الطَّرِيقِ، وَالحيَاءُ شُعْبةٌ مِنَ الإِيمانِ” متفقٌ عَلَيهِ.
“البضْعُ”من ثلاثة إِلَى تسعةٍ، بكسر الباءِ وقد تفْتَحُ.”والشُّعْبةُ”: القطْعة.
9/126-العاشر: عَنْهُ أنَّ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “بَيْنمَا رَجُلٌ يَمْشِي بطَريقٍ اشْتَدَّ علَيْهِ الْعَطشُ، فَوجد بِئراً فَنزَلَ فِيهَا فَشَربَ، ثُمَّ خَرَجَ فإِذا كلْبٌ يلهثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بلَغَ هَذَا الْكَلْبُ مِنَ العطشِ مِثْلَ الَّذِي كَانَ قَدْ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَملأَ خُفَّه مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَه بِفيهِ، حتَّى رقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَه فَغَفَرَ لَه. قَالُوا: يَا رسولَ اللَّه إِنَّ لَنَا في الْبَهَائِم أَجْراً؟ فَقَالَ:”في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أَجْرٌ “متفقٌ عليه
وفي رواية للبخاري: “فَشَكَر اللَّه لهُ فَغَفَرَ لَه، فَأدْخَلَه الْجنَّةَ “.
وفي رواية لَهُما: “بَيْنَما كَلْبٌ يُطيف بِركِيَّةٍ قَدْ كَادَ يقْتُلُه الْعطَشُ إِذْ رأتْه بغِيٌّ مِنْ بَغَايا بَنِي إِسْرَائيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فاسْتَقت لَهُ بِهِ، فَسَقَتْهُ فَغُفِر لَهَا بِهِ”.
“الْمُوقُ”: الْخُفُّ.”وَيُطِيفُ”: يَدُورُ حَوْلَ”رَكِيَّةٍ”وَهِيَ الْبِئْرُ.
10/127-الْحادي عشَرَ: عنْهُ عن النَّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “لَقَد رأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِي الْجنَّةِ فِي شَجرةٍ قطَعها مِنْ ظَهْرِ الطَّريقِ كَانَتْ تُؤْذِي الْمُسلِمِينَ”. رواه مسلم.
وفي رواية: “مرَّ رجُلٌ بِغُصْنِ شَجرةٍ عَلَى ظَهْرِ طرِيقٍ فَقَالَ: واللَّهِ لأُنَحِّينَّ هَذَا عنِ الْمسلِمِينَ لا يُؤْذِيهُمْ، فأُدْخِلَ الْجَنَّةَ”.
وفي رواية لهما: “بيْنَما رجُلٌ يمْشِي بِطريقٍ وَجَدَ غُصْن شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ، فأخَّرُه فشَكَر اللَّهُ لَهُ، فغَفر لَهُ”.
12/128-الثَّاني عشَر: عنْه قالَ: قَال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “منْ توضَّأ فأحَسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أتَى الْجُمعةَ، فَاستمع وأنْصتَ، غُفِر لَهُ مَا بيْنَهُ وبيْنَ الْجُمعةِ وزِيادةُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ، ومَنْ مسَّ الْحصا فَقد لَغَا” رواه مسلم.
13/129-الثَّالثَ عَشر: عنْه أنَّ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “إذَا تَوضَّأَ الْعبْدُ الْمُسْلِم، أَو الْمُؤْمِنُ فغَسلَ وجْههُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خطِيئةٍ نظر إِلَيْهَا بعينهِ مَعَ الْماءِ، أوْ مَعَ آخِر قَطْرِ الْماءِ، فَإِذَا غَسَل يديهِ خَرج مِنْ يديْهِ كُلُّ خَطِيْئَةٍ كانَ بطشتْهَا يداهُ مَعَ الْمَاءِ أَو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْماءِ، فَإِذَا غسلَ رِجليْهِ خَرجَتْ كُلُّ خَطِيْئَةٍ مشَتْها رِجْلاُه مَعَ الْماءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ حَتَّى يخْرُج نقِياً مِنَ الذُّنُوبِ” رواه مسلم.
14/130-الرَّابعَ عشرَ: عنه عن رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “الصَّلواتُ الْخَمْسُ، والْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعةِ، ورمضانُ إِلَى رمضانَ مُكفِّرَاتٌ لِمَا بينَهُنَّ إِذَا اجْتنِبَت الْكَبائِرُ” رواه مسلم
15/131-الْخَامسَ عشر: عَنْهُ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “ألا أدلُّكَم عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطايا، ويرْفَعُ بِهِ الدَّرجاتِ؟ “قَالُوا: بَلَى يَا رسُولَ اللَّهِ، قَالَ:”إِسْبَاغُ الْوُضوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وكَثْرةُ الْخُطَا إِلَى الْمسَاجِدِ، وانْتِظَارُ الصَّلاةِ بعْدِ الصَّلاةِ، فَذلِكُمُ الرّبَاطُ “رواه مسلم.
16/132-السَّادسَ عشرَ: عن أَبِي موسى الأشعرِيِّ رضي اللَّه عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “منْ صلَّى الْبَرْديْنِ دَخَلَ الْجنَّةَ “متفقٌ عَلَيهِ.
“البرْدَانِ”: الصُّبْحُ والْعَصْرُ.
17/133-السَّابِعَ عشَر: عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “إِذَا مرِضَ الْعبْدُ أَوْ سافَر كُتِب لَهُ مَا كانَ يعْملُ مُقِيماً صحيِحاً” رواه البخاري.
18/134-الثَّامنَ عشَرَ: عنْ جابرٍ رضي اللَّه عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “كُلُّ معرُوفٍ صدقَةٌ “رواه البخاري، ورواه مسلم مِن رواية حذَيفَةَ رضي اللَّه عنه.
19/139-التَّاسع عشر: عنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إلَاّ كانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْه لَه صدقَةً، وَلَا يرْزؤه أَحَدٌ إلَاّ كَانَ لَهُ صَدَقَةً “رواه مسلم. وفي رواية لَهُ: “فَلا يغْرِس الْمُسْلِم غَرْساً، فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنسانٌ وَلَا دابةٌ وَلَا طَيرٌ إلَاّ كانَ لَهُ صدقَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامة “.
وفي رواية لَهُ: “لَا يغْرِس مُسلِم غرْساً، وَلَا يزْرعُ زرْعاً، فيأْكُل مِنْه إِنْسانٌ وَلا دابَّةٌ وَلَا شَيْءٌ إلَاّ كَانَتْ لَه صَدَقَةً”، ورويَاه جميعاً مِنْ رواية أَنَسٍ رضي اللَّه عنه.
قولُهُ:”يرْزَؤُهُ”أي: يَنْقُصهُ.
20/136-العْشْرُونَ: عنْهُ قالَ: أَراد بنُو سَلِمَة أَن ينْتَقِلوا قُرْبَ المَسْجِدِ فبلَغَ ذلِكَ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، فَقَالَ لَهُمْ: “إِنَّه قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُربَ الْمَسْجِدِ؟ “فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رسولَ اللَّهِ قَدْ أَرَدْنَا ذلكَ، فَقالَ:”بَنِي سَلِمةَ ديارَكُمْ، تكْتبْ آثَارُكُمْ، دِياركُم، تُكْتَبْ آثارُكُمْ” رواه مسلم
وفي روايةٍ: “إِنَّ بِكُلِّ خَطْوةٍ دَرَجَةً “رواه مسلم. ورواه البخاري أيضاً بِمعنَاهُ مِنْ روايةِ أَنَسٍ رضي اللَّه عنه.
وَ”بنُو سَلِمَةَ”بكسر اللام: قبيلة معروفة مِنَ الأَنصار رضي اللَّه عنهم، وَ”آثَارُهُمْ”خُطاهُمْ.
21/137-الْحَادي والْعِشْرُونَ: عنْ أَبِي الْمُنْذِر أُبيِّ بنِ كَعبٍ رضي اللَّه عنه قَالَ: كَان رجُلٌ لا أَعْلمُ رجُلا أَبْعَدَ مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْهُ، وكَانَ لَا تُخْطِئُهُ صلاةٌ فَقِيل لَه، أَوْ فقُلْتُ لهُ: لَوْ اشْتَريْتَ حِماراً ترْكَبُهُ في الظَّلْماءِ، وفي الرَّمْضَاءِ فَقَالَ: مَا يسُرُّنِي أَن منْزِلِي إِلَى جنْب الْمسْجِدِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَب لِي ممْشَايَ إِلَى الْمَسْجد، ورُجُوعِي إِذَا رجعْتُ إِلَى أَهْلِي، فقالَ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لكَ ذلِكَ كُلَّهُ” رواه مسلم.
وفي روايةٍ: “إِنَّ لَكَ مَا احْتسَبْت”. “الرمْضَاءُ”الأَرْضُ الَّتِي أَصَابَهَا الْحرُّ الشَّديدُ.
22/138-الثَّاني والْعشْرُونَ: عنْ أَبِي محمدٍ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “أَرْبعُونَ خَصْلةً أَعلاها منِيحةُ الْعَنْزِ، مَا مِنْ عامَلٍ يعملَ بِخَصْلَةٍ مِنْها رجاءَ ثَوَابِهَا وتَصْدِيقَ موْعُودِهَا إِلَاّ أَدْخلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجنَّةَ” رواه البخاري.
“الْمنِيحةُ”: أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهَا ليأْكُل لبنَهَا ثُمَّ يَردَّهَا إِليْهِ.
23/139-الثَّالثُ والْعشْرونَ: عَنْ عدِيِّ بنِ حاتِمٍ رضي اللَّه عنه قَالَ: سمِعْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول: “اتَّقُوا النَّارَ وَلوْ بِشقِّ تَمْرةٍ” متفقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية لهما عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَاّ سيُكَلِّمُه ربُّه لَيْس بَيْنَهُ وبََينَهُ تَرْجُمَان، فَينْظُرَ أَيْمنَ مِنْهُ فَلا يَرى إِلَاّ مَا قَدَّم، وينْظُر أشأمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إلَاّ مَا قَدَّمَ، وَينْظُر بَيْنَ يدَيْهِ فَلا يَرى إلَاّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فاتَّقُوا النَّارَ ولوْ بِشِقِّ تَمْرةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجدْ فَبِكَلِمَة طيِّبَةٍ.
24/140-الرَّابِعِ والْعشرونَ: عنْ أَنَسٍ رضي اللَّه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “إِنَّ اللَّه لَيرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فيحْمدَهُ عليْهَا، أَوْ يشْربَ الشَّرْبَةَ فيحْمدَهُ عليْهَا”رواه مسلم.
“وَالأَكْلَة”بفتح الهمزة: وَهيَ الْغَدوة أَوِ الْعشوة.
25/141-الْخَامِسُ والْعشْرُونَ: عن أَبِي موسى رضي اللَّه عنه، عن النَّبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صدقةٌ”قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَجدْ؟ قالَ:”يعْمَل بِيَديِهِ فَينْفَعُ نَفْسَه وَيَتَصدَّقُ”: قَال: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يسْتطِعْ؟ قَالَ: يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْملْهوفَ”قالَ: أَرأَيْت إِنْ لَمْ يسْتَطِعْ قالَ:”يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ أَوِ الْخَيْرِ”قالَ: أَرأَيْتَ إِنْ لَمْ يفْعلْ؟ قالْ:”يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صدَقةٌ” متفقٌ عليه