أنواع الصيام وما يستحب صيامه من الأيام تطوعا
الصيام عبادة من العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله وترتقي به لدرجة المتقين، قال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ).
أنواع الصيام
الصيام نوعان:
1 – صيام واجب: كصيام رمضان من كل عام فهو فريضة فرضها الله على عباده.
وصيام الكفارة كأن يكون الإنسان قد ارتكب ذنبا وكفارته الصيام فتكون الكفارة في هذه الحالة واجبة.
وصوم النذر بأن ينذر الإنسان نذرا إن حدث له كذا فسيصوم كهنا يجب عليه الوفاء بنذره.
وصوم القضاء كأن يترك صيام أيام من رمضان بسبب مرض أو سفر فيجب عليه صيام هذه الأيام.
2 – والصيام المستحب كصيام الاثنين والخميس، وصيام الأيام القمرية من كل شهر، وصيام الأيام الستة من شهر شوال، وغير ذلك من أنواع الصيام المسنون التي سنتكلم عنها في هذا المقال.
فضيلة صيام التطوع
من صام لله تطوعا بَعَّد الله النار عن وجهه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من صام يوما في سبيل الله، بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا)[البخاري] أي باعد الله عن وجهه النار مسافة سير سبعين سنة.
أفضل الصيام صيام نبي الله داوود
عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل). فقلت: نعم.
قال: (إنك إذا فعلت ذلك هجمت [غارت] له العين، ونفهت [تعبت] له النفس، لا صام من صام الدهر، صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله).
قلت: فإني أطيق أكثر من ذلك، قال: (فصم صوم داود -عليه السلام- كان يصوم يوما ويفطر يوما، ولا يفر إذا لاقى)[البخاري]
صيام ثلاثة أيام من كل شهر
من السنة صيام الأيام القمرية من كل شهر هجري وهي أيام: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أوصاني خليلي بثلاث، لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على الوتر)[البخاري]
وعن أبي ذر قال: (أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض؛ ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة)[النسائي]
فإن لم يتيسر له صيام تلك الأيام القمرية جاز له صيام ثلاثة أيام من أي أيام الشهر.
فعن معاذة قالت: (قلت لعائشة: أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم، قلت: من أي شهر كان يصوم؟ قالت: ما كان يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم)[أبو داود]
والمعنى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم على حسب نشاطه، فربما وافق نشاطه الأيام التى رغب الناس بالصيام فيها كالأيام القمرية، وربما لم يوافق نشاطه تلك الأيام فيصوم من أي أيام الشهر.
صيام الاثنين والخميس
من الأيام التي يسن صيامها صيام يومي الاثنين والخميس لأنها أيام تعرض فيها الأعمال على الله ويغفر الله فيها لعباده إلا لمتهاجرين.
عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم)[الترمذي]
وعن أبي هريرة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كان يصوم الاثنين والخميس) فقيل: يا رسول الله إنك تصوم الاثنين والخميس؟ فقال: (إن يوم الاثنين والخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم، إلا متهاجرين، يقول: دعهما حتى يصطلحا)[ابن ماجه]
سبب صيام النبي ليوم الاثنين
لما سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن سبب صيام يوم الاثنين أجاب بأنه يوم ولد فيه وأوحى الله إليه فيه، من أجل ذلك فهو يصومه كنوع من الشكر لله.
سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يوم الاثنين، قال: (ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت -أو أنزل علي فيه-)[مسلم]
حكم صيام يوم الجمعة
يكره إفراد يوم الجمعة بصيام إلا أن يصوم الصائم يوما قبله أو يوما بعده، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يصم أحدكم يوم الجمعة، إلا أن يصوم قبله، أو يصوم بعده)[مسلم]
قال الإمام النووي: يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يوافق عادة له فإن وصله بيوم قبله أو بعده أو وافق عادة له بأن نذر أن يصوم يوم شفاء مريضه أبدا فوافق يوم الجمعة لم يكره.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم)[مسلم]
يؤخذ من الاستثناء جواز الصيام لمن صام قبله أو بعده، أو اتفق وقوعه في أيام له عادة يصومها، كمن يصوم أيام البيض أو من له عادة بصوم يوم معين، كيوم عرفة فوافق يوم الجمعة.عمدة القاري
حكم صيام يوم السبت
لا يجوز إفراد يوم السبت بصيام لكن يجوز إذا وافق عادة للصائم أو وافق صياما مسنونا كصيام عاشوراء.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تصوموا يوم السبت إلا في ما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة، أو عود شجرة فليمضغه)[أبو داود] ويحمل النهي عن صيام يوم السبت بتخصيصه وإفراده بالصيام، لكن يجوز صيامه إذا وافق عادة للصائم كأن كان يصوم يوما ويفطر يوما كصيام نبي الله داود، أو وافق يوم عاشوراء أو عرفة فيجوز صيامه ولا يدخل في جملة المنهي عنه.
صيام الأيام الست من شوال
يسن صيام ستة أيام من شهر شوال من أيِّ أيام الشهر بعد صيام رمضان فمن فعل ذلك يكون كمن صام العام كله.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر)[مسلم]
صيام الأيام التسع من شهر ذي الحجة
عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس)[أبو داود]
فصوم ثلاثة أيام من كل شهر سنة، لكن متى يستحب؟
قيل: هي الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر عربي.
وقيل: الاثنين والخميس والاثنين، استنادا على هذا الحديث فإن كان أول الشهر الخميس فيبدأ بصيام الخميس وبعده الاثنين الآخر من كل شهر، لهذا الحديث
فعن حفصة قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم ثلاثة أيام من الشهر الاثنين والخميس، والاثنين من الجمعة الأخرى)[أبو داود]
صيام يوم عرفة
من الأيام التي يستحب صيامها يوم عرفة وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده)[مسلم]
صيام شهر المحرم
من أفضل الشهور التي حثنا رسول الله على الصيام فيها بعد شهر رمضان شهر الله المحرم.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)[مسلم]
صيام يوم عاشوراء
يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر المحرم وهو يوم يسن صيامه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)[مسلم]
صيام تاسوعاء
تاسوعاء هو اليوم التاسع من شهر المحرم يسن صيامه مع اليوم العاشر حتى تكون هناك مخالفة لليهود، عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: حين صام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فإذا كان العام المقبل إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع). قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.[مسلم]
صيام شهر شعبان
شهر شعبان يعتبر هو نهاية العام بالنسبة للسنة العبادية أي بالنسبة للأمور المتعلقة بالعبادة، فهو الشهر الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله في نهاية السنة.
عن أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان! قال: (ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)[النسائي]
للاطلاع على المزيد:
- دخول الصائمين من باب الريان في الجنة
- رحمات الله تتنزل على العباد في شهر رمضان
- أحكام الصيام وفضل الصائمين
- ما هو الصيام وحكمه وأنواع الصيام الواجب ومبطلاته في الإسلام