مقومات النهضة في الإسلام
قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- لم تكن هناك أمة صالحة ولا أخلاق قائمة، ولا دين ينظم للناس حركة حياتهم.
حال الناس قبل البعثة
لقد استولت الشياطين قبل البعثة النبوية على عقول الناس وجالت بهم في الباطل فعبدوا الحجر والبقر وسجدوا للشجر وشبهو الله بخلقه، وأضفوا صفات الأولهية على بعض خلقه.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: (… وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم،
وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب…)[مسلم]
الوحدة العالمية
لما أرسل الله نبيه محمدا -صلى الله عليه وسلم- أعلن عن الوحدة الإنسانية العالمية بين جميع الشعوب، تلك الوحدة التي تجعل العلاقة بين نبي البشر هي علاقة التآلف والتحاب والتعارف لا التحارب والتقاتل، تلك العلاقة التي تقوم على الحق والعدل.
قال الله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ).
الانفتاح الحضاري
كان من المبادئ التي قام عليها الإسلام مبدأ الانفتاح على الحضارات الأخرى والاستفادة من جهود السابقين.
في الحديث المرسل الذي رواه أبو داود عن سعد بن أبي وقاص قال: مرضت مرضا أتاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها على فؤادي فقال:
(إنك رجل مفئود، ائت الحارث بن كلدة أخا ثقيف فإنه رجل يتطبب فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فليجأهن بنواهن ثم ليلدك بهن).
تعلم اللغات الآخرين
تعلم لغات الآخرين والاستفادة من علومهم وإيصال الإسلام لهم والحذر منهم بمعرفة لسانهم من الأمور التي حث عليها الإسلام.
فقد وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد بن ثابت ليتعلم له السريانية وقد تعلمها وتعلم الفارسية والرومية.
قال زيد بن ثابت: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتعلمت له كتاب يهود، وقال:
(إني والله ما آمن يهود على كتابي) فتعلمته، فلم يمر بي إلا نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب له إذا كتب وأقرأ له، إذا كتب إليه.[أبو داود]
حفظ الكرامة الإنسانية
من المبادئ العالمية التي قامت عليها تعاليم الإسلام أن الإنسان محفوظ الكرامة مهما اختلفت ديانته أو جنسيته أو لسانه.
قال الله: (وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا)
حرمة الدماء
لقد حرم الإسلام الدماء بأن يقتل الإنسان غيره أو يقتل نفسه، وإن كان الإسلام قد أباح الحرب والقتال فإنما أباح ذلك ضد المعتدين، لكن حرم العدوان والبغي بغير وجه حق فقال الله:
(وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ).
ومما يدل على حرمة العدوان على الدماء قول ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس يوم النحر فقال: (يا أيها الناس أي يوم هذا).
قالوا: يوم حرام، قال: (فأي بلد هذا). قالوا: بلد حرام، قال: (فأي شهر هذا). قالوا: شهر حرام، قال:
(فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا). فأعادها مرارا، ثم رفع رأسه فقال: (اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت).
قال ابن عباس رضي الله عنهما: فوالذي نفسي بيده، إنها لوصيته إلى أمته: (فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض)[البخاري]
وحرم الإسلام على الإنسان أن يقتل نفسه لأن هذه النفس ملك لله فلا يحق للإنسان أن يعتدي عليها بالقتل.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا،
ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا)[البخاري]
للاطلاع على المزيد:
- المواطنة وما يترتب عليها من واجبات
- الحق والضلال ضدان لا يجتمعان
- ما هي أسس المواطنة في شريعة الإسلام؟
- قيمة الوطن في الإسلام