موضوعات اسلامية

أهمية الوحدة الإسلامية بين المسلمين

من أهم عوامل القوة لأي أمة من الأمم الاتحاد، فالاتحاد هو الشيء الذي تنال به أي أمة مجدها وقوتها وتعيش حياة آمنة مطمئنة.

خطورة التفرق

التفرق والتمزق بين المسلمين من أكبر البلايا التي تبتلى بها الأمم، ومما يزيل رايات مجدها وعزها، وما أصيب المسلمون بالضعف والهوان إلا بسبب تفرقهم وتمزقهم.

وإن أعداء الإسلام لا يسمحون للمسلمين أن يفعلوا أي شيء يقربهم من وحدتهم؛ لأنهم يدركون أن قوة المسلمين تكمن في توحدهم.

وما حل بالمسلمين من هزائم متكررة إنما كان بسبب بعدهم عن دينهم وطاعتهم لمن لا يريدون لهم أن يستجيبوا لأمر الله.

الله أمرنا بالاتحاد ونهانا عن التفرق

لقد بين الله لنا أن طاعتنا لمن هم أعداء لله لا تؤول بنا إلا إلى أن نترك إيماننا ونستحق غضب الله وعقابه، قال الله : (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تُطِيعُواْ ‌فَرِيقٗا ‌مِّنَ ‌ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ يَرُدُّوكُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ كَٰفِرِينَ).

وبين الله لنا أن النزاع والخلاف نهايته الفشل، قال الله: (وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ ‌وَلَا ‌تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ).

من أجل ذلك أمرنا الله بالتمسك بكتاب الله ونهانا عن التفرق وبين أن الاجتماع على كتاب الله هو من أعظم النعم التي أنعم الله بها علينا فقال الله:

(‌وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ).

المؤمنون إخوة

وصف الله العلاقة بين المؤمنين بأنها علاقة الأخوة في الدين، وهذه الأخوة هي الرابط الذي يربط بين المسلمين، فاتقوا الله أيها المسلمون وأصلحوا بين إخوانكم إذا حدث نزاع بينهم لئلا ينشط الشيطان بينكم، لعلكم ترحمون في الدنيا والآخرة.

قال الله: (إِنَّمَا ‌ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ‌إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ).

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (‌الْمُسْلِمُ ‌أَخُو ‌الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أخيه كان الله في حاجته)[البخاري]

وصف النبي لمجتمع المسلمين

عن ‌النعمان بن بشير قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌مثل ‌المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)[مسلم]

وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين بأنهم كالجسد الواحد؛ لأن مسمى الإيمان يجمعهم كما يجمع الجسد الأعضاء.

فالبدن يتأذى كله بالأذى الذي يلحق بعضه، وكذلك أهل الإيمان يتأذى بعضهم بالأذى الذي يلحق بعضهم.

من أجل ذلك بين رسول الله لنا ما ينبغي أن يكون عليه حال المؤمنين فقال: )المؤمن للمؤمن ‌كالبنيان، ‌يشد بعضه بعضا). وشبك بين أصابعه.[البخاري]

فلا يكمل إيمان العبد إلا إذا أحب لأخيه من الخير ما يحبه لنفسه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌لا ‌يؤمن ‌أحدكم ‌حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)[البخاري]

فإذا لم تكن الأخوة قائمة بين المؤمنين سيكون العداء هو البديل، وهذه الحياة ستكون مرتعا خصبا للشيطان، ينشر فيه الخصومات والشحناء والحروب والفتن، وهذا هو الذي حذرنا منه رسول الله فقال: (إن الشيطان ‌قد ‌أيس ‌أن ‌يعبده المصلون في جزيرة العرب. ولكن في التحريش بينهم)[مسلم]

أهمية الوحدة الإسلامية بين المسلمين

جزاء من ينشر العداوة بين الناس

حكم النبي -صلى الله عليه وسلم- حكما شديدا على هؤلاء الذين ينشرون العداء بين المسلمين ولا يرديون لهم وحدة ولا أخوة فقال: (‌والله ‌لا ‌يؤمن، ‌والله ‌لا ‌يؤمن، ‌والله ‌لا ‌يؤمن). قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: (الذي لا يأمن جاره بوائقه)[البخاري]

سقوط الأندلس

من صفحة نافذة على التاريخ يحكي لنا التاريخ أنه كانت هناك دولة تسمى بالأندلس، انتشر فيها الإسلام، وأقام المسلمون فيها ثمانية قرون، وكانت من أكثر دول العالم تحضرا ومدنية ورقيا وقوة.

عاش المسلمون فيها في رغد من العيش وكان أبناء أوروبا من الأثرياء يتوجهون إليها للدراسة في مدارسهم وجامعاتها.

لكن هذه الدولة دب إليها الخلاف والنزاع وتفرقوا شيعا وتحولت إلى مالك وإمارات وصلت إلى 22 إمارة كل واحدة مستقلة عن الأخرى، وأصبحت تسمى بدولة ملوك الطوائف.

واتسع الخلاف بينهم واستعان بعضهم على بعض بالأعداء في الصراع مع إخوانه، وقدم تنازلات من حصون ومدن لعدة قرون بشرط التغلب على إخوته، فباع الأرض وخان الوطن والأمة فكان ذلك هو سبب الفناء الذي حل بهم من قتل وطرد وتشريد.

فكان كل ملك من ملوك الطوائف هؤلاء يسمي نفسه بالألقاب العظيمة لكن في الحقيقة ما كان أحد منهم يسل سيفه على أعداء الإسلام لكن سيوفهم كانت مسلولة على إخوانهم.

قال ابن رشيق:

ومما يزهد في أرض أندلس . ألقاب معتضد فيها ومعتمد

ألقاب سلطنة في غير موضعها * كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

يروى أن وزيرا دخل على أحد ملوك الطوائف فوجده حزينا مغضبا فظن أنه غاضب بسبب ما حل بالدويلة المسلمة المجاورة له التي احتلها النصارى فقتلوا رجالها وسبوا نساءها فقال له: “ليس ذلك ما يغضبني بل المهندس المكلف ببناء قصري لا يلتزم بأمري”.

إن الذي أسقط هؤلاء هو أن مسمى الإيمان الذي كانوا يستظلون جميعا به زال وصار كل واحد منهم ينتصر لنفسه فكانت هناك الفتنة اليمانية والقيسية التي استمرت سبع سنوات وسقط فيها آلاف القتلى.

وتنازع العرب والبربر وتنازع الأشقاء والأقارب على المناصب وأريقت الدماء وقتل من المسلمين في صراعاتهم الداخلية أضعاف ما قتل في فتح الأندلس.

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة