موضوعات اسلامية

محبة الأوطان من الإسلام

إن المسلم الحق هو الذي يحب وطنه استجابة لأمر ربه، وليس المسلم بالذي يفرط في دينه ووطنه؛ لأنه يعلم أن ذلك خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين.

حقيقة المسلم

ليس المسلم هو الذي يسعى لتأجيج الفتن والصراعات بين أبناء الوطن الواحد، وليس بالذي ينشر الرذيلة ويحارب الفضيلة؛

لأن ذلك مما يؤدي إلى هدم الأوطان، من أجل ذلك شرع الله الجهاد الذي به يكون حفظ الدين والنفس والعرض والأرض.

المسلمون كالنفس الواحدة

لقد ربط الله تعالى بين المسلمين جميعا برباط واحد وهو رباط الإسلام، هذا الرباط الذي تذوب معه كل الفوارق بين الناس، فلا يبقى إلا رابط الإيمان بالله، فهذا الرباط هو حبل الله المتين.

قال الله: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).

انتساب الإنسان لبلدته أو لقومه

الإسلام لا يمانع أن ينتسب الإنسان لبلده أو لقومه، طالما أن هذه المسميات لا يترتب عليها عصبيات وتحزبات من شأنها أن تفرق بين الناس.

فقد كان على زمن النبي –صلى الله عليه وسلم- بعض من الصحابة ينتسبون لبلادهم على مرأى ومسمع من النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم يمنع رسول الله ذلك ولم يحرمه.

فهذا هو سلمان الفارسي كان ينسب إلى بلدته فارس، وهذا صهيب الرومي كان ينسب إلى بلاد الروم.

وهذا معناه أن الإسلام لا يقطع صلة الإنسان ببلدته لكن يجب عليه ألا تغلب عليه العصبية فيقدم قوميته على دينه الذي جاء ليوحد بين الناس جميعا ويربط بينهم برباط واحد وهو الإسلام.

وقد سمى الله تعالى في القرآن أهل المدينة بالأنصار وأهل مكة بالمهاجرين، وهذا الاختلاف في المسميات من باب التنويع وليس من باب التحزبات والعصبيات.

فقال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).

محبة الأوطان من الإسلام

العصبيات لغير الإسلام

إذا كانت هذه المسميات ستؤدي إلى العصبيات والمغالاة بحيث ينتصر كل فريق لنفسه ويعادي كل فريق الآخر فإن هذا ليس من الإسلام في شيء، وهذا هو ما نهى عنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: كنا في غزاة مرة في جيش، فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار.

فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:

(ما بال دعوى الجاهلية) قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال: (دعوها فإنها منتنة).

فسمع بذلك عبد الله بن أبي، فقال: فعلوها، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.

فبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقام عمر فقال: يا رسول الله: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (دعه، لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه).

وكانت الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة، ثم إن المهاجرين كثروا بعد.[البخاري].

مشروعية الجهاد لحفظ الأوطان

مما يرفع مكانة الوطن في الإسلام أن الله شرع الجهاد من أجل الحفاظ عليه، قال الله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)

ثم بين الله أن معاهدة الله للمؤمنين وقعت على أن يبيعوا أنفسهم لله مقابل أن ينالوا الجنة فقال الله: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

وبين الله لنا مكانة الشهداء عند الله في الآخرة فقال: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)

عن مسروق قال: سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)

قَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: (أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلَاعَةً)

فَقَالَ: (هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟) قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا.

قَالُوا: يَا رَبِّ، نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا)[مسلم]

للاطلاع على المزيد:

مواضيع ذات صلة