جعل الإسلام المجتمع المؤمن كالجسد الواحد إذا تألم له عضو تألمت له بقية الأعضاء، فهو مجتمع من سماته أنه يعين قويهم ضعيفهم، ويساعد غنيهم فقيرهم.
ترك الجهاد من أسباب الهلاك
من أسباب الهلاك العكوف على الأموال وترك الجهاد عن أسلم أبي عمران التجيبي قال: كنا بمدينة الروم، فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس وقالوا: سبحان الله يلقي بيديه إلى التهلكة.
فقام أبو أيوب الأنصاري فقال: (يا أيها الناس إنكم لتؤولون هذه الآية هذا التأويل، وإنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا، فأصلحنا ما ضاع منها.
فأنزل الله –تعالى-على نبيه -صلى الله عليه وسلم-يرد علينا ما قلنا: (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).
فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها، وتركنا الغزو، فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم)[رواه الترمذي].
تفسير: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
قال الله تعالى: (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
أمر الله عباده المؤمنين بالإنفاق في سبيله في كل وجوه الخير التي تنفع الناس في معاشهم ومعادهم، وبالإنفاق من أجل أموالنا قد ضاعتتجهيز الجيوش للجهاد ونصرة دين الله -عز وجل-.
وأمرهم بألا يلقوا بأيدهم إلى المهالك والتي منها أن يعكفوا على أموالهم من أجل أن ينموها ويتركوا ما أوجبه الله عليهم من نصرة دين الله تعالى بالجهاد .
والنهي عن إلقاء النفس في التهلكة عام يشمل البعد عن كل أمر من شأنه أن يوقع الهلاك بالأمة، وعن كل أمر يوقع الهلاك بالإنسان، لكن لا مانع من أن يعرض الإنسان نفسه للهلاك إذا كان ذلك من أجل الدفاع عن دين الله إذا كان يقوى على تحمل تبعات ذلك بحيث لا يحمله ضعفه على أن ينقلب على عقبيه، فالجهاد في سبيل الله إنما هو نوع من تعريض النفس للتهلكة لكنها تهلكة من أجل الدفاع عن الدين الذي هو الضرورة الأولى من الضرورات التي أمر الشرع بحفظها.
وأمر الله عباده بالإحسان وهو إجادة الأعمال التي يقومون بها وإتقانها، والإخلاص فيها؛ لأن الإخلاص هو روح الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى مولاه، وبدون الإخلاص في العمل لا ينال المرء من وراء عمله إلا النصب والتعب، فالله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه، فالله –تعالى- يحب المحسنين من عباده المتقنين لأعمالهم، المخلصين في أدائهم.