تفسير

قال الله: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

مدح الله تعالى المؤمنين الصادقين في عهودهم مع الله -عز وجل-، وهؤلاء المؤمنون هم الذين وطنوا أنفسهم على أحد أمرين: إما النصر، أو الشهادة في سبيل الله، بخلاف المنافقين الذين أخلفوا عهودهم مع الله لما جد الجد واشتد الأمر.

قتال أنس بن النضر يوم أحد

عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-قَالَ: غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ).

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، وَانْكَشَفَ المُسْلِمُونَ، قَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ -يَعْنِي أَصْحَابَهُ- وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاَءِ -يَعْنِي المُشْرِكِينَ- ثُمَّ تَقَدَّمَ)

فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: (يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ، الجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ إِنِّي أَجِدُ رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ) قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ.

قَالَ أَنَسٌ: فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ، أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ المُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلَّا أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ.

قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نُرَى أَوْ نَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَشْبَاهِهِ: (مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)[البخاري].

تفسير آية: من المؤمنين رجال

من المؤمنين رجال صدقوا في عهدهم مع الله -عز وجل- بأن وطنوا أنفسهم على أحد أمرين: إما النصر أو الشهادة في سبيل الله.

فمن هؤلاء الرجال من وفَّى بعهده مع الله ووفَّى نذره الذي نذره على نفسه واستشهد في سبيل الله، كحمزة بن عبد المطلب أسد الله الذي استشهد وهو يصول ويجول، ومصعب بن عمير ، وأنس بن النضر الذي اندفع في المشركين وحده فقتلوه وطعنوه الكثير من الطعنات حتى تغيرت معالمه فلم تعرفه إلا أخته من بنانه.

ومن المؤمنين الصادقين من بقي حيا ينتظر أن ينال شرف الشهادة في سبيل الله، وما بدلوا شيئا مما عاهدوا الله عليه من الثبات والقتال ولم يفعلوا ما فعله المنافقون الذين بدلوا عهودهم وغيروا كلامهم، وليس المؤمن كالمنافق.

مواضيع ذات صلة