لم يكن النبي –صلى الله عليه وسلم- بالذي يعيش حال ثراء يختلف عن حال أقل الناس من حوله، وإنما كان رسول الله لا يميز نفسه بين الناس بشيء من عرض هذه الدنيا.
كيف كان غداء وعشاء النبي
عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- : (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يجتمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم، إلا على ضفف)[أحمد]
قَالَ مَالِكٌ: سَأَلْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ: مَا الضَّفَفُ؟ قَالَ: أَنْ يَتَنَاوَلَ مَعَ النَّاسِ.
طعام النبي رديء التمر
عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: (أَلَسْتُمْ فِي طَعَامٍ وَشَرَابٍ مَا شِئِتُمْ؟ لقد رأيت نبيكم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وَمَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلَأُ بَطْنَهُ)[مسلم]
والدقل هو رديء التمر.
رسول الله يخرج من بيته بسبب الجوع
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي سَاعَةٍ لَا يَخْرُجُ فِيهَا وَلَا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ:
(مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟) قَالَ: خَرَجْتُ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وَأَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ وَالتَّسْلِيمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ:
(مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَرُ؟) قَالَ: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:(وَأَنَا قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ ذَلِكَ)
فَانْطَلَقُوا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشَّاءِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَدَمٌ، فَلَمْ يَجِدُوهُ فَقَالُوا لِامْرَأَتِهِ: أَيْنَ صَاحِبُكِ؟ فَقَالَتِ: انْطَلَقَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الْمَاءَ.
فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ جَاءَ أَبُو الْهَيْثَمِ بِقِرْبَةٍ يَزْعَبُهَا فَوَضَعَهَا ثُمَّ جَاءَ يلتزم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وَيُفَدِّيهِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى حَدِيقَتِهِ فَبَسَطَ لَهُمْ بِسَاطًا ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى نَخْلَةٍ فَجَاءَ بِقِنْوٍ فَوَضَعَهُ فَقَالَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: (أَفَلَا تَنَقَّيْتَ لَنَا، مِنْ رُطَبِهِ؟)
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ تَخْتَارُوا أَوْ تَخَيَّرُوا مِنْ رُطَبِهِ وَبُسْرِهِ، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
(هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مِنِ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: ظِلٌّ بَارِدٌ، وَرُطَبٌ طَيِّبٌ، وَمَاءٌ بَارِدٌ)
فَانْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ لِيَصْنَعَ لَهُمْ طَعَامًا فَقَالَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: (لا تذبحن لنا ذَاتَ دَرٍّ) فَذَبَحَ لَهُمْ عَنَاقًا أَوْ جَدْيًا فَأَتَاهُمْ بها فأكلوا فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
(هَلْ لَكَ خَادِمٌ؟) قَالَ: لَا. قَالَ: (فَإِذَا أَتَانَا سبي فأتنا) فأتي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِرَأْسَيْنِ لَيْسَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ.
فَأَتَاهُ أَبُو الْهَيْثَمِ فَقَالَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: (اخْتَرْ مِنْهُمَا) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اخْتَرْ لِي. فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: (إِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ، خُذْ هَذَا فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي وَاسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا)
فَانْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ إِلَى امْرَأَتِهِ فَأَخْبَرَهَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: مَا أَنْتَ بِبَالِغٍ حَقَّ مَا قَالَ فيه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إِلَّا بِأَنْ تَعْتِقَهُ قَالَ: فَهُوَ عَتِيقٌ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
(إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا وَلَا خَلِيفَةً إِلَّا وَلَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَبِطَانَةٌ لَا تَأْلُوهُ خَبَالًا، وَمَنْ يُوقَ بِطَانَةَ السُّوءِ فقد وقي)[الترمذي]
ما شبع آل النبي من خبز الشعير
خبز الشعير كان من رفيع الطّعام الّذي يتهادى به الناس، ويُدْعَى له الجِلَّة والفضلاء؛ لأنّ أكثر طعامهم في أول الإسلام كان التّمر.
عن عَائِشَةَ –رضي الله عنها- أنها قَالَتْ: (مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-)[ابن ماجه]
وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت لعروة، ابن أختي: (إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نار)
فقلت يا خالة: ما كان يعيشكم؟ قالت: (الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيران من الأنصار، كانت لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ألبانهم، فيسقينا)[البخاري]
نعم الإدام الخل
كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يمدح الخل وكأنه ينبه بذلك على مدح الإقتصاد فِي المأكل، وَمنْع النَّفس من ملاذ الطَّعَام، فَكَأَنَّهُ قَالَ: ائتدموا بِمَا خفت مُؤْنَته، ومن فوائد الخل: أَنه ينفع الْمعدة، ويقمع الصَّفْرَاء، وَيقطع البلغم، ويشهي الطَّعَام، إِلَى غير ذَلِك من الْفَوَائِد.
عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها-: أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: (نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ)[أبو داود]
للاطلاع على لمزيد: