ثلاثة أشياء من كانت فيه أحس بحلاوة الإيمان
ثلاثة أشياء إذا كانت في الإنسان أحس بحلاوة هذا الإيمان بأن يشرح الله صدره للإيمان ويتلذذ بطاعة ربه، ويسهل عليه تحمل المشاق.
ثلاث من كن فيه
عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان:
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)[البخاري]
ذكر رسول الله هنا ثلاثة أشياء إذا كانت في الإنسان أحس بحلاوة الإيمان وهذا يجعله يؤثر الآخرة على الدنيا ويرغب فيما عند الله على ما عند الناس، فما عند الله لا يبيد ولا يفنى. وهذه الأشياء الثلاثة أولها: محبة الله ومحبة رسوله، وثانيها: محبة المؤمن أخاه في الله، والثالث: كراهة الكفر ككره أن يقذف في النار.
لماذا يجب علينا أن نحب الله
يجب على الإنسان أن تكون محبته لربه مقدمة على محبة كل من عداه، فلا نقدم على محبتنا لله والدا ولا ولدا ولا مال ولا أي شيء.
فهو الذي خلقنا ووهبنا تلك النعم التي ننعم بها، وهو واهب النظر الذي نرى به نور الدنيا، وهو وواهب العقل الذي ندرك به الأشياء على ما هي عليه، وواهب القوة.
وشكر تلك النعم لا يكون بمجرد الاعتراف باللسان وإنما شكر النعم يكون بطاعة الله بالتزام ما أمر الله به والانتهاء عما نهى الله عنه.
فقال الله: (قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ
أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ).
لماذا يجب علينا أن نحب رسول الله
والطريق الذي يوصلنا لمحبة الله هو رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهو الباب الذي يوصلنا إلى الله؛
لأن النبي أوحى الله إليه بالوحي وأمره بتبليغه للناس وهو أعلم الناس بمراد هذا الوحي الذي أوحاه الله إليه فقال الله:
(قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ).
ورسول الله هو النور الذي أضاء الله لنا به الظلمات فخرجنا بسببه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، فكان رسول الله نورا أرسله الله إلينا فقال:
(قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ)، وأنزل الله على نبيه نورا بدد به تلك الظلمات فقال الله:
(فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ)
ونجانا الله بسبب الإيمان به وبما جاءنا به من النار، فكان حقه علينا أن نحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر من محبتنا لأنفسنا.
قال الله: (فوالذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده)[البخاري]
بل حق النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا أن نقدم محبتنا له على محبتنا لأنفسنا، فعن عبد الله بن هشام قال:
كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي.
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك).
فقال له عمر: فإنه الآن، والله، لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الآن يا عمر)[البخاري]
وجوب المحبة في الله
الشيء الثاني الذي إذا كان في الإنسان أحس بحلاوة الإيمان وانشرح له صدره أن تكون محبته لأخيه قائمة على المحبة في الله، وليس لأجل مصلحة تعود عليه من وراء تلك المحبة؛
لأن المحبة إذا كانت لغرض من أمور الدنيا تنتهي بمجرد انتهاء تلك المصلحة، لكن المحبة في الله تدوم بدوام الله -عز وجل- ومن أحب أخاه في الله أحبه الله.
عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكا،
فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟
قال: لا، غير أني أحببته في الله عز وجل قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه)[مسلم]
وهؤلاء قد جعل الله لهم الأجر العظيم في الآخرة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
(إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)[أبو داود]
وجعل الله من الذي يظلهم يوم القيامة بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ويوم تدنوا الشمس من الرؤوس رجلين تحابا في الله اجتمعا على محبة الله وتفرقا عليه.
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سبعة يظلهم الله في ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد،
ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه)[البخاري]
وجوب كره الكفر
من الأمور التي تكون سببا في جعل الإنسان ينشرح صدره للإسلام ويتلذذ بطاعة الله أن يكره الإنسان أمور الجاهلية وما فيها من كفر كما يكره أن يقذف في نار جهنم.