تعرف على أحكام الشورى في الإسلام
للشورى في الإسلام مكانتها العظيمة، لذلك أمر الله رسوله أن يعمل بها بالرغم من أن رسول الله كان أغنى الناس عنها إلا أنه عمل بها تعليما لأمته.
أمر الله لنبيه بالعمل بالشورى
أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالعمل بالشورى فقال: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
فهذا أمر من الله لنبيه بأن يشاور أصحابه في أمر الحرب وكل أمر له خطر رفعا لأقدارهم وتطييبا لنفوسهم.
وذلك لأنهم كانوا إذا لم يشاورهم رسول الله شق الأمر عليهم، ولأن المشورة هي أشبه ما تكون بالعصف الذهني
حيث يخرج كل واحد ما يعتقده ويؤمن به في أي قضية من القضايا على حسب ما عنده من علم ومعرفة وخبرة فتجتمع كل الآراء وينتقى منها الرأي الأصوب.
ثم لابد وأن تكون هناك مركزية في اتخاذ القرار بأن يكون هناك من يأخذ القرار بعد جمع الآراء لذا قال الله لنبيه: فإذا عزمت. على أمر من الأمور فلتتوكل على الله لأننا نأخذ بالأسباب ثم نتوكل على رب الأسباب.
الشورى من صفات المؤمنين
وصف الله عباده المؤمنين بأن من صفاتهم أنهم يستجيبون لأمر الله ويقيمون الصلاة وأمرهم شورى بينهم.
فلا ينفرد منهم أحد بقرار من عند نفسه مما له تعلق بعامة الناس فيعتد بعقله دون عقول الآخرين؛
لأن هذا يعتبر نوعا من الاحتكار للعقول كلها ويجعلها عقلا واحدا وهو عقله هو فقط، قال الله: (وَٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ)
وهذه الشورى التي تكون بين المؤمنين إنما تكون فيما لم يرد فيه نص شرعي، وقد وقعت هذه الشورى بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.
وبين الصحابة في كثير من الأمور كقتال أهل الردة، ومراث الجدة، وعدد جلدات حد الخمر.
حكم الشورى في الإسلام
للعلماء رأيان في حكم الشورى فمنهم من قال بأن الشورى واجبة واستدلوا بما ورد في القرآن حيث قال الله: (وشاورهم في الأمر).
والأمر هنا يقتضي الوجوب، وقال ابن خويز : واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وما أشكل عليهم من أمور الدين.
ومن العلماء من رأى أن الشورى مستحبة وأن المعنى الذي من أجله استشار رسول الله أصحابه هو تطييب نفوسهم ورفع لأقدارهم؛
وذلك لأن سادات العرب كانوا إذا لم يشاوروا يغضبوا فأمر الله نبيه أن يشاورهم إكراما لهم.
الشورى في حق النبي
ذكر العلماء أن من الخصائص الواجبة في حق النبي -صلى الله عليه وسلم- المشاورة في الأمر مع أهله وأصحابه ووجه اختصاصه بذلك أنه وجب عليه مع كمال علمه ومعرفته.
صور من مشورة النبي للصحابه
وقع الكثير من صور مشورة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه منها أمر الأذان، فعن ابن عمر كان يقول:
كان المسلمون حين قدموا المدينة، يجتمعون فيتحينون الصلاة، ليس ينادى لها، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقا مثل قرن اليهود،
فقال عمر: أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا بلال، قم فناد بالصلاة)[البخاري]
غزوة بدر
في غزوة بدر لما نجت العير من النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وكانوا قد خرجوا من أجل العير لكن الله أراد لهم أمرا آخر وهو القتال لتكون كلمة الله هي العليا.
وكان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عدد من المهاجرين والأنصار فقال: أشيروا علي أيها الناس.
فتكلم المهاجرون كلاما حسنا لكنه ظل يكرر قوله يريد أن يسمع قولا للأنصار، فقال سعد بن معاذ:
والله لكأنك يا رسول الله تريدنا؟ قال: “أجل” ، فقال سعد: قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به حق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت ، فنحن معك،
فوالذي بعثك بالحق ، لو استعرضت بنا هذا البحر ، لخضناه معك، ما تخلف منا واحد، وما نكره أن نلقى عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله، فسر بذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم.
منزل بدر
لما نزل النبي -صلى الله عليه وسلم- منزله ببدر قال له الحباب بن المنذر: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل؟
أمنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة،
قال: إن هذا ليس لنا بمنزل، فانهض بالناس، حتى نأتي أدنى منزل من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب،
ونبني لك حوضا فنملأه ماء، ثم نقاتل الناس، فنشرب ولا يشربون. فقال صلى الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأي.
غزوة الأحزاب
من صور المشاورة التي فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه أنه أردا أن يصالح عيينة بن حصن الفزاري والحارث بن عوف المري.
وذلك حين حصره الأحزاب في الخندق على أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة، ويرجعا بمن معهما من غطفان عنه.
فاستشار سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، فقالا له: يا رسول الله أمرا تحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا؟
قال: بل شيء أصنعه لكم، فأشارا عليه ألا يعطيهما فلم يعطهما شيئا.