وجوب ترك حكم الجاهلية والعمل بحكم الإسلام

أكرم الله عباده بأحكامه التي أنزلها على رسوله -صلى الله عليه وسلم- ليخرج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، وأنكر على هؤلاء الذين يبتغون حكم الجاهلية.

حكم الجاهلية

أنكر الله على هؤلاء الذين خرجوا عن حكم الله الذي اشتمل على خيري الدنيا والآخرة، وابتغوا بدلا عنه أحكام الجاهلية.

تلك الأحكام الجائرة التي لم تراع العدل ولا الإنصاف في الحكم بين الناس، لقد كانوا قوما يحكمون بين الناس بأهوائهم وضلالاتهم.

وكانوا يبتدعون أمورا ما أنزل الله بها من سلطان، فيحرمون ما أحل الله، ويحلون ما حرم الله، وينسبون لله ما لم يقله وما لم يشرعه.

من أجل هذا أنكر الله على هؤلاء الذين يريدون العودة إلى الوراء، فقال الله: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ).

فمن أعدل حكما من الله لمن عقل وأيقن أن الله أحكم الحاكمين، وأن الله أرحم بخلفه من الوالدة بولدها، وأن حكم الله أحسن الأحكام وأعدلها للإنسانية.

لا بديل عن حكم الله

ليس هناك منهج من مناهج الأرض يغني عن حكم الله الذي أنزله على رسله، فهو الحكم العدل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

إن أصحاب الديانات السابقة يدركون أن القرآن هو الحق من عند الله، قال الله: (أَفَغَيْرَ ‌اللَّهِ ‌أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ).

وجوب كره حكم الجاهلية

لا يمكن للإنسان أن يشعر بحلاوة الإيمان إلا إذا كان كرهه لأحكام الجاهلية وأحكامها وباطلها ككرهه لأن يقذف في نار جهنم.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاث ‌من ‌كن ‌فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما،

وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)[البخاري]

حكم من لم يحكم بما أنزل الله

ورد في آيات القرآن عدد من الآيات بعضها يبين أن من لم يحكم بما أنزل الله فهو من الكافرين، وفي آية من الظالمين، وفي أخرى من الفاسقين.

فقال الله: (‌وَمَن ‌لَّمۡ ‌يَحۡكُم ‌بِمَآ ‌أَنزَلَ ‌ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ) وقال: (وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ) وقال: (وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ).

فذكر بعض المفسرين أن هذه الآيات جميعها نزل في الكافرين وهذا هو رأي أكثر المفسرين، فأما المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة.

وبعض المفسرين ذهب إلى أن الآية فيها حذف، والمعنى ومن لم يحكم بما أنزل الله رادا لحكم الله وجحدا لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر.

وقال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار، معتقدا ذلك، مستحلا له.

وأَما مَن فعل ذلك وهو معتقد أنه مرتكب محرما، فهو من فُسَّاق المسلمين وعُصَاتِهِم.

وجوب الطاعة لله

لم ينزل الله رسله بتعاليمه من أجل أن يتعرف الناس عليها وأن يكونوا على علم بها ثم يحتكمون لغيرها من أمور الجاهلية، وإنما أوجب عليهم أول ما أوجب أن يلتزموا بتعاليم الله، ويعيشوا بها، فيشكلوا سلوكهم بها، بالقيام بطاعة الله ورسوله.

قال الله: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً).

الرضى بحكم الرسول

أقسم الله بذاته العلية في قرآنه على أن الذي يرفض الاحتكام إلى الله ورسوله لا يدخل في عداد المؤمنين؛

لأن من لازم إيمان المؤمن ألا يرفض التحاكم إلى الرسول إذا طلب منه ذلك، وألا يجد في نفسه حرجا من حكم رسول الله، وأن يرضى بهذا الحكم.

قال الله: (‌فَلَا ‌وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا).

المنافقون يرفضون التحاكم لله ولرسوله

لقد بين الله أن من صفات المنافقين أنهم إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم يرفضون ولا يوافقون على هذا الاحتكام إلا إذا كانوا يعلمون أن الحكم سيكون في صالحهم.

قال الله: (وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعۡنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٞ مِّنۡهُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَۚ وَمَآ أُوْلَٰٓئِكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ *

وَإِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ إِذَا ‌فَرِيقٞ ‌مِّنۡهُم ‌مُّعۡرِضُونَ * وَإِن يَكُن لَّهُمُ ٱلۡحَقُّ يَأۡتُوٓاْ إِلَيۡهِ مُذۡعِنِينَ)

موقف المؤمنين السمع والطاعة

شعار المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا: سمعنا وأطعنا. قال الله: (إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ أَن يَقُولُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ).

فصفة المؤمنين أنهم لا خيار لهم إذا كان هناك حكم لله ولرسوله في أمر من الأمور، قال الله: (‌وَمَا ‌كَانَ ‌لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا).

Exit mobile version