تعرف على فضل المستجيبين لأوامر الله ورسوله على غيرهم
المؤمنون حقا هم المستجيبون لله ولرسوله، فهم أهل الفلاح والنجاح والرشاد، وهم الناجون يوم القيامة الذين يسعدون بنعيم الله.
ذم الله المخالفين لأمره
من الذين ذمهم الله في القرآن هؤلاء اليهود الذين تركوا العمل بما في التوراة وأنكروا تلك الصفات التي وصف الله بها نبيه -صلى الله عليه وسلم- وكانوا ينتظرون قدومه قبل مجيئه فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به.
فقال الله: (وَلَمَّا جَآءَهُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمۡ نَبَذَ فَرِيقٞ مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمۡ كَأَنَّهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ).
من أجل ذلك وصفهم الله بالحمير التي تحمل كتبا قيمة فلا تنتفع بشيء منها؛ لأنها لا تعقل فهؤلا اليهود مثلهم لم ينتفعوا بتلك التوراة التي أنزلها على نبيه موسى فقال الله:
(مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
المشركون مثلهم كمثل الموتى
المستجيبون لأمر الله هم المؤمنون الذين أعملوا وسائل الإداراك فيهم، فتعقلوا عن الله أمره ونهيه واستجابوا له.
أما هؤلاء المشركون الذين لم يستجيبوا لله ولا لرسوله ولم يهتدوا بهديه وعطلوا وسائل الإداراك فيهم كان مثلهم كمثل الموتى التي لا تسمع ولا تشعر ولا تعقل.
قال الله: (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).
وقال الله: (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) وهذا خطاب من الله لنبيه أنك يا محمد لن تستطيع أن تسمع هؤلاء الذين ماتت قلوبهم شيئا من هداية الله لأن مثلهم كمثل الموتى لا يعون شيئا ولا ينتفعون، فشأنهم شأن الأموات.
استجابة الله لأهل الاستجابة
يستجيب الله طلب أهل الاستجابة الذين يجيبون دعاءه بتحقيق مرادهم، بأنه لا يحبط عملهم فقال الله:
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ).
ووعد الله أنه يستجيب دعاء من دعاه ويحقق رجاءه، قال الله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
وقد ورد في سبب نزول هذه الآية أن أعرابيا قال: يا رسول الله أقريب ربك فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله هذه الآية.
الاستجابة لله نجاة
من استجاب لأمر الله نجاه ربه من أهوال يوم القيامة، وهو اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون، ولا جاه ولا سلطان، فاستجيبوا أيها الناس قبل فوات الأوان، فليس هناك ناصر ينصركم من دون الله.
قال الله: (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ).
عدم الاستجابة لله دليل على اتباع الهوى
من علامات أهل الأهواء أنهم يتبعون أهواءهم ولا يستجيبون لأوامر الله ولا لرسوله، لما تحدى الله هؤلاء المشركين أن يأتوا بكتاب أهدى من التوراة والقرآن قال الله لنبيه :
أخبرهم يا محمد أنهم إن فعلوا ذلك ستتبعه وتصدقه، لكن إن عجزوا عن ذلك وأصروا على كفرهم وعنادهم فاعلم أنهم أصحاب أهواء.
فقال الله: (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
قال ابن القيم: “فقسم الأمر إلى أمرين لا ثالث لهما إما الاستجابة لله والرسول وما جاء به وإما اتباع الهوى فكل ما لم يأت به الرسول فهو من الهوى
وقال تعالى: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب)
فقسم سبحانه طريق الحكم بين الناس إلى الحق وهو الوحي الذي أنزله الله على رسوله وإلى الهوى وهو ما خالفه
وقال تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين)
فقسم الأمر بين الشريعة التي جعله هو سبحانه عليها وأوحى إليه العمل بها وأمر الأمة بها وبين اتباع أهواء الذين لا يعلمون فأمر بالأول ونهى عن الثاني”
عدم الاستجابة لله دليل على اتباع الشيطان
من الصور التي تدل على أن الإنسان مطيع للشيطان هو مخالفته وعدم استجابته لأمر الله، فهذا الشيطان لم يكن له سلطان على الإنسان وإنما فقط كان موسوسا وهو استجاب لوساوسه، يقول الله:
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
فلا تلوموا الشيطان على ما وصلتم إليه من حال في النار ولوموا أنفسكم فإنكم من اختار هذا الطريق لنفسه ولم يكن لهذا الشيطان اللعين عليكم سلطان.